عليهم جهالتهم وضمن ذلك الرد على من قال بتأثيرات النجوم ثم أخبر بالمعنى الذي لأجله ينكسفان وهو أن الله تعالى يخوف بهما عباده لأن ذلك مذكر بالكسوفات التي تكون بين يدي الساعة ويمكن أن يكون ذلك الكسوف منها ولذلك قام صلى الله عليه وسلم فزعًا يخشى أن تكون الساعة وكيف لا وقد قال الله عزَّ وجلَّ {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (٧) وَخَسَفَ الْقَمَرُ} [القيامة: ٧, ٨] وخص هنا خسوفهما بالتخويف لأنهما أمران علويان نادران طارئان عظيمان والنادر العظيم مخوف موجع بخلاف ما يكثر وقوعه فإنه لايحصل منه ذلك غالبًا فلما وقع فيهما من الغلط الكثير للأمم التي كانت تعبدهما ولما وقع من الجهال من اعتقاد تأثيرهما اهـ من المفهم.
(لا ينخسفان لموت أحد) من الناس كإبراهيم ابنه صلى الله عليه وسلم (ولا لحياته) أي حياة أحد من الناس وولادته كولادة شرِّير ذكره تميمًا للمقابلة كما مر (فإذا رأيتموها) أي رأيتم الكسفة في أحدهما أو رأيتم تلك الآية وهي المدلول عليها بقوله آيتان وفي بعض النسخ (فإذا رأيتموهما) أي كسوف الشمس وخسوف القمر (فافزعوا) بفتح الزاي أي التجؤوا وتوجهوا (للصلاة) أي إلى الصلاة المعهودة الخاصة السابق فعلها منه صلى الله عليه وسلم قبل الخطبة لأنها ساعة خوف وفي رواية البخاري (فافزعوا إلى الصلاة) فاللام هنا بعنى إلى (وقال) النبي صلى الله عليه وسلم (أيضًا فصلوا حتى يفرج الله) سبحانه وتعالى بضم الياء وتشديد الراء المكسورة من فعل المضعف أي حتى يكشف الله سبحانه ويرفع (عنكم) ما نزل بكم من الكسوف قال القاضي يجب تطويل القراءة ما لم تنجل فإن أتم الصلاة بسنتها قبل أن تنجلي لم يلزمه إعادة الصلاة بسنتها وللناسي أن يصلي ركعتين أفذاذًا كسائر النوافل وإن انجلت وهو في الصلاة فقيل: يتمها بسنتها وقيل: بركعة واحدة كسائر النوافل اهـ أبي.
واستنبط من قوله (فافزعوا) أن الجماعة ليست شرطًا في صحتها لأن فيه إشعارًا بالمبادرة إلى الصلاة والمسارعة إليها وانتظار الجماعة قد يؤدي إلى فواتها أو إخلاء بعض الوقت من الصلاة نعم يستحب لها الجماعة اهـ من الإرشاد.
(وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) أيضًا: (رأيت في مقامي) أي في مكاني (هذا كل شيء وعدتم) في الآخرة أي أخبرتم به على سبيل الوعد أو الوعيد يعني الجنة والنار ثم يحتمل أن يكون رؤية عين برفع الحجب بينه وبينها كما كشف له عن المسجد