فَنَبَذْتُهُنَّ. وَقُلْتُ: لأنْظُرَنَّ إلى مَا يَحْدُثُ لِرَسُولِ الله - صلى اللهُ عَلَيهِ وَسلمَ- في انْكِسَافِ الشمْسِ، الْيَوْمَ. فَانْتَهَيتُ إِلَيهِ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيهِ، يَدْعُو وَيكبرُ وَيَحْمَدُ وَيُهَلِّلُ. حَتَّى جُلِّيَ عَنِ الشَّمْسِ. فَقَرَأَ سُورَتَينِ وَرَكَعَ رَكْعَتَينِ
ــ
صلى الله عليه وسلم فاجأني انكساف الشمس (فنبذتهن) أي رميت أسهمي من يدي وطرحتها أي وضعتها وألقيتها على الأرض (وقلت) في نفسي أو لأصحابي والله (لأنظرن) أي لأبصرن (إلى ما يحدث) ويتجدد من السنة (لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في انكساف الشمس اليوم) الظرف متعلق بيحدث (فانتهيت) أي وصلت (إليه) - صلى الله عليه وسلم - (وهو رافع يديه) إلى السماء حالة كونه (يدعو الله) تعالى كشف ما نزل بالناس من الكسوف (ويكبر ويحمد ويهلل حتى جلي) بالبناء للمفعول أي كشف وأزيل الكسوف (عن الشمس فقرأ سورتين) كل سورة في ركعة (وركع) أي صلى (ركعتين) كسائر النوافل وهذا محل الترجمة.
قوله (فنبذتهن) أي فألقيت سهامي من يدي وطرحتهن إعراضًا عن الرمي قال الراغب النبذ إلقاء الشيء وطرحه لقلة الاعتداد به ولذلك يقال نبذته نبذ النعل الخلق اهـ قال تعالى {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ}[آل عمران: ١٨٧]{فَفَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ}[القصص: ٤٠]{لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ}[الهمزة: ٤] قوله (وهو رافع يديه) الح يعني أنه لما وصل إليه وجده في الصلاة رافعًا يديه يدعو كما طرح به في الراوية الثانية قوله: (حتى جلي عن الشمس) أي زال وانكشف عنها ما بها قوله: (فقرأ سورتين) أي في صلاته فالراوي جمع جميع ما جرى في الصلاة من دعاء وتكبير وتهليل وتسبيح وتحميد وقراءة سورتين في القيامين اهـ من بعض الهوامش وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أبو داود (١١٩٥) والنسائي (٣/ ١٢٥).
قال القرطبي: قوله (وصلى ركعتين) ظاهر هذا الحديث أن صلاته هاتين الركعتين لم يكن لأجل أنها صلاة الكسوف لأنه إنما صلى بها بعد الانجلاء وهو الزمان الذي يفرغ فيه من العمل بها لأنه الغاية التي مد فعل صلاة الكسوف إليها بقوله (فصلوا حتى ينجليا) فلا حجة للكوفيّين على أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل غير أنه قد روى أبو داود من حديث النعمان بن بشير قال: (كسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل يصلي ركعتين ركعتين ويسأل عنها أي بالإشارة حتى انجلت) رواه أبو داود وابن ماجه وهذا معتمد قوي للكوفيّين غير أن الأحاديث المتقدمة أصح وأشهر