لأبكين وأنوحن عليه (بكاء) ونوحًا شديدًا رفيع الصوت كثير الندب كثير الدموع يكون مثلًا (يتحدث عنه) عند الناس تعني أنها تنوح عليه وتندبه نياحة شديدة وذلك منها على ما كانوا عليه في الجاهلية من النياحة والاجتماع لها قبل أن يبلغها تحريم النياحة والله أعلم قالت أم سلمة: (فكنت قد تهيأت) واستعددت (للبكاء عليه) فبينما أنا متهيئة للبكاء عليه (إذ أقبلت امرأة من الصعيد) وإذ فجائية رابطة لجواب بينما المحذوفة والتقدير: بينما أوقات استعدادي وتهيئي للبكاء عليه فاجأني إقباب امرأة من أهل الصعيد حالة كونها (تريد أن تسعدني) أي تساعدني وتوافقني في البكاء والنوح عليه والمراد بالصعيد هنا عوالي المدينة وأصل الصعيد ما كان على وجه الأرض من التراب ومنه صعيد مصر أي أعلى بلادها (فاستقبلها) أي أتاها من قبالتها (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال) لها: (أتريدين) وتقصدين أيتها المرأة بهمزة الاستفهام الإنكاري (أن تدخلي الشيطان) أي عمله وتسويلاته (بيتًا أخرجه الله) سبحانه أي أخرج الله الشيطان (منه) أي من ذلك البيت وقوله: (مرتين) إما معمول للإخراج أي أخرجه الله منه إخراجًا مرتين الأولى منهما إخراجه بالإيمان والثانية إخراجه بالهجرة لأن الإيمان لا يخرجه مطلقًا أو معمول للقول أي قال لها ذلك مرتين أي قولتين قالت أم سلمة: (فـ) لما سمعت ذلك أي مقالته صلى الله عليه وسلم للمرة (كففت) نفسي أي منعتها وزجرتها (عن البكاء فلم أبك) عليه ولم أنح لأن كونه من عمل الشيطان يدلس على حرمته فغرضه بسوق هذا الحديث الاستدلال به على حرمة النوح والندب لأنهما هما اللذان اعتدن المساعدة عليهما في الجاهلية لا سيلان الدموع وهذا الحديث انفرد به الإِمام مسلم -رحمه الله تعالى-.
ثم استشهد المؤلف -رحمه الله تعالى- لحديث أم سلمة بحديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - فقال:
(٢٠١٥)(٨٩٠)(٣٠)(حدثنا أبو كامل الجحدري) فضيل بن الحسين البصري (حدثنا حماد يعني ابن زيد) بن درهم الأزدي البصري (عن عاصم) بن سليمان التميمي