(٢٠٥٨)(٠)(٠) وحدّثنا عُثْمَانُ بن أَبِي شَيبَةَ. حَدَّثَنَا جَرِيرٌ
ــ
وفي الحديث بيان فضيلة مصعب بن عمير وأنه ممن لم ينقص له من ثواب الآخرة شيء قال ابن بطال: وفيه أيضًا ما كان عليه السلف من الصدق في وصف أحوالهم وفيه أن الصبر على مكابدة الفقر وصعوبته من منازل الأبرار ثم قال: ليس في حديث خباب تفضيل الفقير على الغني وإنما فيه أن هجرتهم لم تكن لدنيا يصيبونها ولا نعمة يتعجلونها وإنما كانت لله خالصة ليثيبهم عليها في الآخرة فمن مات منهم قبل فتح البلاد توفر له ثوابه ومن بقى حتى نال من طيبات الدنيا خشي أن يكون عجل لهم أجر طاعتهم وكانوا على نعيم الآخرة أحرص اهـ منه.
قال النواوي: في قوله (فلم يوجد له شيء يكفن فيه إلا نمرة) دليل على أن الكفن من رأس المال وأنه مقدم على الديون لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتكفينه في نمرته ولم يسأل هل عليه دين مستغرق أم لا ولا يبعد من حال من لم يكن عنده إلا نمرة أن يكون عليه دين واستثنى أصحابنا من الديون الدين المتعلق بعين المال فيقدم على الكفن وذلك كالعبد والجاني والمرهون والمال الذي تعلقت به زكاة أو حق بائعه بالرجوع بإفلاس ونحو ذلك وفي قوله: (واجعلوا على رجليه من الإذخر) دليل على أنه إذا ضاق الكفن عن ستر جميع البدن ولم يوجد غيره جعل مما يلي الرأس وجعل النقص مما يلي الرجلين وستر الرأس فإن ضاق عن ذلك سترت العورة فإن فضل شيء جعل فوقها فإن ضاق عن العورة سترت العورتان لأنهما أهم وهما الأصل في العورة ويستدل به أيضًا على أن الواجب في الكفن ستر العورة فقط ولا يجب استيعاب البدن عند التمكن (فإن قيل) لم يكونوا متمكنين من جميع البدن لقوله: (لم يوجد له غيرها) فجوابه أن معناه لم يوجد مما يملك الميت إلا نمرة ولو كان ستر جميع البدن واجبًا لوجب على المسلمين الحاضرين تتميمه إن لم يكن له قريب تلزمه نفقته فإن كان وجب عليه فإن قيل: كانوا عاجزين عن ذلك لأن القضية جرت يوم أحد وقد كثرت القتلى من المسلمين واشتغلوا بهم وبالخوف من العدو فجوابه أن يبعد من حال الحاضرين المتولين دفنه أن لا يكون مع واحد منهم قطعة من ثوب ونحوها والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ نواوي.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث البخاري (١٢٧٦) وأبو داود (٢٨٧٦) والترمذي (٣٨٥٢) والنسائي (٤/ ٣٨).
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث خباب رضي الله عنه فقال:
(٢٠٥٨)(٠)(٠)(وحدثنا عثمان بن أبي شيبة) العبسي الكوفي (حدثنا جرير) بن