للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَال نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ". قَال عُمَرُ: فِدًى لَكَ أَبِي وَأُمِّي، مُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيهَا خَيرًا. فَقُلْتَ: وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ. وَمُرَّ بِجَنَازَةٍ فأثْنِيَ عَلَيهَا شَرًّا. فَقُلْتَ: وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ؟ فَقَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَثْنَيتُمْ عَلَيهِ خَيرًا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ. وَمَنْ أَثْنَيتُمْ عَلَيهِ شَرًّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ. أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الأرضِ. أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللهِ فِي الأرضِ

ــ

طريقتهم ومن الاقتداء بآثارهم والتخلق بأخلاقهم قاله النواوي اهـ من الإرشاد (فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: وجبت وجبت وجبت) بالتكرار ثلاثًا أيضًا (قال عمر) بن الخطاب رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم مستفهمًا عن قوله:

(فدى) بكسر الفاء وفتحها وبالقصر وبكسرها مع المد وهو خبر مقدم و (لك) متعلق به (أبي وأمي) مبتدأ مؤخر أي أبي وأمي فداء لك يا رسول الله عن كل مكروه وفيه جواز قول مثل ذلك أي ما معنى قولك: وجبت في الحالتين فإنه (مر بجنازة فأُثني عليها خيرًا) بالنصب وبالرفع على أنه نائب فاعل (فقلت: وجبت وجبت وجبت ومر بجنازة فأُثني عليها شرًّا فقلت: وجبت وجبت وجبت) فما معنى قولك: وجبت (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أثنيتم عليه خيرًا) أي من وصفتموه بخير فإنه (وجبت له الجنة) بمقتضى فضله ففيه بيان أن المراد بقوله: وجبت أي الجنة لذي الخير والنار لذي الشر والمراد بالوجوب الثبوت إذ هو في صحة الوقوع كالشيء الواجب والأصل أنه لا يجب على الله شيء بل الثواب فضله والعقاب عدله لا يسئل عمَّا يفعل (ومن أثنيتم عليه شرًّا وجبت له النار) بمقتضى عدله قال الطيبي: استعمال الثناء في الشر مشاكلة أو تهكم اهـ ويمكن أن يكون أثنوا في الموضعين بمعنى وصفوا فيحتاج حينئذِ إلى القيد ففي القاموس: الثناء وصف بمدح أو ذم أو خاص بالمدح اهـ (أنتم) أيها المخاطبون (شهداء الله في الأرض) والإضافة للتشريف وهم بمنزلة عالية عند الله تعالى وهو أيضًا كالتزكية من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته وإظهار عدالتهم بعد شهادتهم لصاحب الجنازة فينبغي أن يكون لها أثر ونفع في حقه وإلى معنى هذا يشير قوله تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} فالمراد بهم المخاطبون بذلك من الصحابة ومن كان على صفتهم من الإيمان فالمعتبر شهادة أهل الفضل والصدق لا الفسقة لأنهم قد يثنون على من كان مثلهم كما في شروح البخاري وفيها أيضًا والصحيح أنه على عمومه وإطلاقه وأن كل مسلم مات فألهم الله الناس الثناء عليه بخير كان دليلًا على أنه من أهل الجنة سواء كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>