في الرواية الآتية (فقالت) عائشة: (ما أسرع ما نسي الناس) أي ما أسرع نسيانهم فما الأولى تعجبية والثانية مصدرية وفي حديث ابن حاتم: (قالت ما أسرع الناس إلى أن يعيبوا ما ليس لهم به علم)(ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن البيضاء إلَّا في) جوف (المسجد) النبوي قال العلماء: وبنو بيضاء ثلاثة إخوة سهل وسهيل وصفوان وأمهم البيضاء اسمها دعد والبيضاء وصف وأبوهم وهب بن ربيعة القرشي الفهري وكان سهيل قديم الإسلام هاجر إلى الحبشة ثم عاد إلى مكة ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدرًا وغيرها توفي سنة تسع من الهجرة رضي الله عنه اهـ نواوي.
قال القاري ناقلًا عن الطيبي: ذهب الشافعي إلى قول عائشة وأبو حنيفة وأصحابه يكرهون ذلك وقالوا: إن الصحابة كانوا متوافرين فلو لم يعلموا بالنسخ لما خالفوا اهـ كلام الطيبي أو حملوه على عذر كمطير أو على الخصوصية أو على الجواز وعملوا بالأفضل في حق سعدٍ قال: ولو كانت الصلاة في المسجد أفضل لكان أكثر صلاته صلى الله عليه وسلم على الميت في المسجد ولما امتنع جل الصحابة وإنما الحديث يفيد بالجواز في الجملة وقد كان للجنائز موضع معروف خارج المسجد والغالب منه صلى الله عليه وسلم الصلاة عليها ثمة اهـ فتح الملهم.
قال النواوي: وفي هذا الحديث دليل للشافعي والأكثرين في جواز الصلاة على الميت في المسجد وممن قال به أحمد وإسحاق قال ابن عبد البر: ورواه المدنيون في الموطأ عن مالك وبه قال ابن حبيب المالكي وقال ابن أبي ذئب وأبو حنيفة ومالك على المشهور عنه: لا تصح الصلاة عليه في المسجد لحديث في سنن أبي داود من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له ودليل الشافعي والجمهور حديث سهيل بن البيضاء وأجابوا عن حديث سنن أبي داود بأجوبة: أحدها: أنَّه ضعيف لا يصح الاحتجاج به قال أحمد بن حنبل: هذا حديث ضعيف تفرد به صالح مولى التوأمة وهو ضعيف والثاني: أن الَّذي في النسخ الصحيحة المسموعة من نسخ أبي داود: (ومن صلى على جنازة في المسجد فلا شيء عليه) ولا حجة لهم حينئذ فيه الثالث: أنَّه لو ثبت الحديث وثبت أنَّه قال (فلا شيء له) لوجب تأويله على (فلا شيء عليه) ليجمع بين الروايتين وبين هذا الحديث وحديث سهيل بن البيضاء وقد جاء له بمعنى عليه كقوله تعالى