للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ. فَقَال: "اسْتَأذَنْتُ رَبِّي في أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي. وَاسْتَأْذَنْتُهُ في أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي. فَزُورُوا الْقُبُورَ. فَإِئهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ"

ــ

وفي المرقاة: ذكر ابن الجوزي في كتاب الوفا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أبيه كان مع أمه آمنة فلما بلغ ست سنين خرجت به إلى أخوالها بني عدي بن النجار بالمدينة تزورهم ومنهم أبو أيوب ثم رجعت به إلى مكة فلما كانوا بالأبواء توفيت فقبرها هناك وقيل: لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة زار قبرها بالأبواء ثم قام مستعبرًا فقال: إني استأذنت ربي في زيارة قبر أمي فأذن لي واستأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي ونزل {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} الآية وذكر ابن الجوزي في تصحيح المصابيح أنَّه صلى الله عليه وسلم زار قبرها عام الحديبية سنة ست من الهجرة والله أعلم.

(وأبكى من حوله) أي بكوا بسبب بكائه (فقال: استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يؤذن لي) في الاستغفار لها (واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي) في زيارة قبرها بالبناء للمجهول مراعاة لقوله: فلم يؤذن لي ويجوز أن يكون بصيغة المبني للفاعل قاله ملا علي اهـ فتح الملهم.

(فزوروا القبور) يا معشر الرجال (فإنها) زيارتها (تذكر الموت) وذكر الموت يزهد في الدنيا ويرغب في العقبى قال بعضهم: والحكمة في النهي عن زيارة القبور أولًا لأنها تفتح باب العبادة لها فلما استقرت الأصول الإسلامية واطمأنت نفوسهم على تحريم العبادة لغير الله تعالى أذن فيها وعلل التجويز بأن فائدته عظيمة وهي أنها تذكر الموت وإنها سبب صالح للاعتبار بتقليب الدنيا اهـ فتح الملهم.

قال القرطبي: (قوله: فزوروا القبور فإنها تذكر الموت) وتذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء على أن أصح ما ورد في نهي النساء عن زيارة القبور ما خرجه الترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور رواه الترمذي (١٠٥٦) وصححه على أن في إسناده عمر بن أبي سلمة وهو ضعيف عندهم ثم إن هذا اللعن إنما هو للمكثرات من الزيارة لأن زوارات للمبالغة ويمكن أن يقال إن النساء إنما يمنعن من إكثار الزيارة لما يؤدي إليه الإكثار من تضييع حقوق الزوج والتبرج والشهرة والتشبه بمن يلازم القبور لتعظيمها ولما يخاف عليها من الصراخ وغير ذلك من المفاسد

<<  <  ج: ص:  >  >>