والأوزاعي والشافعي وفقهاء المحدثين ومن هؤلاء من يجيز تقديم زكاة عامين أخذًا بهذا الحديث ومنع ذلك الليث ومالك وهو قول عائشة وابن سيرين فقالوا: لا يجوز تقديمها على وقت وجوبهما كالصلاة وعن مالك خلاف فيما قرب وكان هؤلاء لم يصح عندهم الحديث والله أعلم ولا ارتضوا ذلك التأويل.
وقيل في قوله صلى الله عليه وسلم:(هي عليَّ ومثلها): إنه صلى الله عليه وسلم كان قد تسلف من العباس مالًا احتاج إليه في السبيل فقاصه به عند الحول وهذا ما لا يختلف في جوازه وحينئذ لا يكون حجة على جواز التقديم وأما رواية البخاري فنص في أنَّه تركها له ومثلها وذلك لأنه قد فدى نفسه وعقيلَا فكأنه كان غريمًا وإليه يرد قوله: (وهي له ومثلها) ويحتمل فهي له علي كما تقدم وبحسب هذه التأويلات تنزل الأحكام.
و(قوله: ما ينقم ابن جميل) أي ما يعيب يقال نقم ينقم من باب ضرب ونقم ينقم من باب فرح ومنه قوله تعالى: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إلا أَنْ يُؤْمِنُوا}[البروج: ٨] وقال الشاعر:
ما نقم الناس من أمية ... إلَّا أنهم يحلمون إن غضبوا
وإنهم سادة الملوك ... ولا تصلح إلَّا عليهم العرب
و(قوله: أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه) أي يرجع مع أبيه إلى أصل واحد ومنه قوله تعالى: {صِنْوَانٌ وَغَيرُ صِنْوَانٍ}[الرعد: ٤] وأصله من النخلتين والنخلات التي ترجع إلى أصل واحد والصنوان جمع صنو كقنوان وقنو ويجمع على أصناء كأسماء فإذا كثرت قلت الصّني والصُّني وهذا تعظيم لحق العم وهو مقتض ومناسب لأن يحمل قوله صلى الله عليه وسلم: (هي علي) على أنَّه تحملها عنه احترامًا له وميزة وإكرامًا حتَّى لا يتعرض له بطلبها أحد إذ تحملها عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه اهـ من المفهم.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب حديثان:
الأول حديث أبي هريرة ذكره للاستدلال به على الجزء الأول من الترجمة وذكر فيه ثلاث متابعات.
والثاني حديث أبي هريرة الثاني ذكره للاستدلال به على الجزء الأخير من الترجمة ولم يذكر فيه متابعة والله سبحانه وتعالى أعلم.