و(قوله: إنكم تظلمون خالدًا) و (قوله: هي على ومثلها معها) وقد انفصل عن استبعاد منعهم بانهم لم يمنعوها عنادًا بل توقفًا من ابن جميل إلى أن يرى هل يسامح بها وقال المهلب: كان ابن جميل منافقًا أولًا فمنع الزكاة فأنزل الله تعالى {وَمَا نَقَمُوا إلا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ}[التوبة: ٧٤] فقال: استتابني ربي فتاب صلحت حاله وتأولًا من خالد بأنه يحتسب له بها ومن العباس بأن النبي صلى الله عليه وسلم قام يحملها عنه أو بأنه غريم أو بغير ذلك من أنواع التأويلات المسوغة ولم يكن فيهم أبعد تأويلًا من ابن جميل ولذلك عتب عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما (قوله: إنكم تظلمون خالدًا) فهو خطاب منه للعمال على الصدقة حيث لم يحتسبوا له بما أنفق في الجهاد من الخيل والعدة وكأن خالدًا والله أعلم رأى أن الحاجة قد تعينت للجهاد في سبيل الله وقد جعل الله للجهاد حظًّا من الزكاة فرأى أن يصرفها فيه فأخرج زكاته واشترى بها مايصلح للجهاد كما يفعله الإمام ولما تحقق النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قال: فإنكم تظلمون خالدًا فإن قد صرفها مصرفها وأنتم تطلبونه بها وعند ذلك يكون قول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك إمضاءً لما فعل خالد ويكون معنى احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله رفع يده عنها وأبانها عن ملكه وخلى بين الناس وبينها في سبيل الله لا أنَّه حبسها وقفًا على التأبيد والأدراع جمع درع الحديد والأعتاد جمع عتد وكذلك الأعتد في غير هذه الرواية وكلاهما جمع قلة وهو الفرس الصلب وقيل: هو المعد للركوب وقيل السريع الوثب وقال الهروي: هو ما أعده الرجل من سلاح ودواب وآلة للحرب ويجمع أيضًا على أعتدة وفي غير مسلم (أعتده) بضم التاء وفتح الدال وروى أيضًا أعبده بالباء الموحدة جمع عبد.
(وأما قوله صلى الله عليه وسلم في حق العباس: فهي علي ومثلها معها) فقد اضطربت ألفاظ الرواة فيه فقيل ما ذكرناه وفي البخاري (فهي عليه صدقة ومثلها معها) وفي غيرهما (فهي له ومثلها معها) فأما رواية مسلم فظاهرها أنَّه تحملها عنه ومثلها ويحتمل أنها كانت له عليه إذ قد كان قدمها له وفيه بعد من حيث اللفظ وإن كان الدارقطني قد روى من حديث موسى بن طلحة عن طلحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنا كنا احتجنا إلى مال فتعجلنا من العباس صدقة ماله لسنتين رواه الدارقطني (٣/ ١٣٤) وبهذا يحتج من يرى تقديم الزكاة قبل وقت وجوبها وهو مذهب أبي حنيفة