للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نَهْرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَا يُرِيدُ أَنْ يَسْقِيَهَا، إلا كَتَبَ اللهُ لَهُ، عَدَدَ مَا شَرِبَتْ، حَسَنَاتٍ". قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَالْحُمُرُ؟ قَال: "مَا أُنْزِلَ عَلَيَّ فِي الْحُمُرِ شَيءٌ إلا هذِهِ الآيَةُ الْفَاذَّةُ الْجَامِعَةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَال ذَرَّةٍ

ــ

نهر) ماء بفتح الهاء وسكونها (فشربت) تلك الخيل (منه) أي من مائه (و) الحال أنه (لا يريد) ولا يقصد (أن يسقيها) منه أي شرب الخيل منه أي يمنعها من شرب يضر بها أو به باحتباسها للشرب فيفوته ما يؤمله أو يقع به ما يخافه من عدو أو سبع اهـ من المفهم.

قال النواوي: وهذا من التنبيه بالأدنى على الأعلى لأنه إذا كتب له وهو لا يريد سقيها فإذا قصده كتب له أضعاف ذلك اهـ منه.

(إلا كتب الله) سبحانه وتعالى (له) أي لذلك الرجل (عدد) أي بعدد (ما شربت) من مائه وقدره (حسنات) أي أجورًا قال الطيبي فيه مبالغة في اعتداد الثواب له لأنه إذا اعتبر ما تستقذره النفوس وتنفر عنه الطباع فكيف بغيرها وكذا إذا احتسب له ما لا نية له فيه وقد ورد (وإنما لكل امرئ ما نوى) فما بال ما إذا قصد الاحتساب فيه.

قال ابن الملك: فالحاصل أنه يجعل لمالكها بجميع حركاتها وسكناتها وفضلاتها حسنات.

قال الحافظ: وفيه أن الإنسان يؤجر على التفاصيل التي تقع في فعل الطاعة إذا قصد أصلها وإن لم يقصد تلك التفاصيل (قيل: يا رسول الله فالحمر) الأهلية ما حكم صاحبها جمع حمار (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أنزل عليَّ في) خصوص حكم (الحمر شيء) من النصوص الشرعية (إلا هذه الآية الفاذة) بالفاء وتشديد المعجمة أي العديمة النظير معناها (الجامعة) لجميع أنواع الخير والشر وسميت فاذة لانفرادها في معناها وجامعة لاشتمالها على جميع أنواع الطاعة والمعصية قليلهما وكثيرهما.

قال النواوي: وفيه إشارة إلى التمسك بالعموم ومعنى الحديث ما أنزل علي فيها نص بخصوصها لكن نزلت هذه الآية العامة فهي تقتضي أن من أحسن إلى حماره رأى جزاء إحسانه ومن أساء إليه وكلفه فوق طاقته رأى عقوبته في الآخرة وقد يحتج بهذا الحديث من قال: لا يجوز الاجتهاد للنبي صلى الله عليه وسلم وإنما يحكم بالوحي وأجاب الجمهور القائلون بجواز الاجتهاد له بأنه لم يظهر له فيها شيء اهـ فتح الملهم يعني قوله تعالى: ({فَمَنْ يَعْمَلْ}) إيمانا واحتسابا ({مِثْقَال ذَرَّةٍ}) أي وزن نملة

<<  <  ج: ص:  >  >>