هاجر ومات النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الطريق (عن أبي ذر) جندب بن جنادة الغفاري المدني رضي الله عنه وهذا السند من خماسياته رجاله أربعة كوفيون وواحد مدني أو ثلاثة كوفيون وواحد نيسابوري وواحد مدني وفيه التحديث والإخبار والعنعنة والمقارنة.
(قال) أبو ذر (كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرة المدينة) وهي أرض ذات حجارة سود خارج المدينة المنورة وهي بين حرتين وتسميان لابتين اهـ نواوي.
وقيل: الحرة هي الأرض التي حجارتها سود وهي تشتمل جميع جهات المدينة التي لا عمارة فيها وهذا يدل على أن قوله في رواية المعرور بن سويد عن أبي ذر: (انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في ظل الكعبة وهو يقول: هم الأخسرون ورب الكعبة فذكر قصة المكثرين) وهي قصة أخرى مختلفة الزمان والمكان والسياق كذا في الفتح اهـ فتح الملهم.
وقيل: حرة المدينة مكان معروف بالمدينة من الجانب الشمالي منها وكانت به الوقعة المشهورة في زمن يزيد بن معاوية اهـ منه.
وقوله:(عشاءً) بكسر العين ظرف متعلق بأمشي أي أمشي معه في وقت عشاء والعشاء ظلمة أوائل الليل (ونحن) أي والحال أنا والنبي صلى الله عليه وسلم (ننظر) ونبصر (إلى أحد) جبل عظيم معروف بالمدينة لعدم شدة الظلام (فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا ذر قال) أبو ذر (قلت) إجابة لندائه: (لبيك) أي أجبت لك إجابة بعد إجابة (يا رسول الله) ماذا تقول وماذا تريد وفيه جواز الجواب بلبيك وسعديك قاله القاضي عياض.
(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر: (ما أحب أن أحدًا) هـ (ـذاك) بدل من اسم أن كائن (عندي) خبرها (ذهب) خبر ثان لها وجملة قوله: (أمسى) ذلك الذهب ودخل (ثالثة) أي ليلة ثالثة صفة لذهب وجملة قوله: (عندي منه دينار) حال من فاعل أمسي أي ما أحب كون أحد هذا ذهبًا أمسي ثالثة والحال أن عندي منه دينار (إلا دينارًا أرصده) بضم الهمزة من الإرصاد أي أهيؤه وأبقيه (لي) قضاء (دين) عليَّ أي ما