للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لَا يُشْرِك بِاللهِ شَيئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ. قَال: قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَال: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ"

ــ

مات من أمتك) يا محمد حالة كونه (لا يشرك بالله شيئًا) من المخلوق (دخل الجنة قال) أبو ذر: (قلت) له - صلى الله عليه وسلم - دخل الجنة: (وإن زنى وإن سرق قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعم دخل الجنة: (وإن زنى وإن سرق).

وفي الحديث حجة لأهل السنة في أنه لايخلد أصحاب الكبائر من المؤمنين في النار خلافًا للخوارج والمعتزلة وخص الزنا والسرقة بالذكر لكونهما من أفحش الكبائر وهو داخل في أحاديث الرجاء كما في النواوي اهـ منه.

قوله: (دخل الجنة) رتب دخول الجنة على الموت بغير إشراك بالله وقد ثبت الوعيد بدخول النار لمن عمل بعض الكبائر وبعدم دخول الجنة لمن عملها فلذلك وقع الاستفهام قوله: (وإن زنى وإن سرق) فيه المراجعة في العلم بما تقرر عند الطالب في مقابلة ما يسمعه مما يخالف ذلك لأنه تقرر عند أبي ذر من الآيات والآثار الواردة في وعيد أهل الكبائر بالنار وبالعذاب فلما سمع أن من مات لا يشرك دخل الجنة استفهم عن ذلك بقوله: (وإن زنى وإن سرق) واقتصر على هاتين الكبيرتين لأنهما كالمثالين فيما يتعلق بحق الله وبحق العباد.

وقد حمل البخاري هذا الحديث على من تاب عند الموت وحمله غيره على أن المراد بدخول الجنة أعم من أن يكون ابتداء أو بعد المجازاة على المعصية.

قال الطيبي: قال بعض المحققين: قد يتخذ من أمثال هذه الأحاديث المطلقة ذريعة إلى طرح التكاليف وإبطال العمل ظنًّا أن ترك الشرك كاف وهذا يستلزم طي بساط الشريعة وإبطال الحدود وأن الترغيب في الطاعة والتحذير عن المعصية لا تأثير له بل يقتضي الانخلاع عن الدين والانحلال عن قيد الشريعة والخروج عن الضبط والولوج في الخبْط وترك الناس سدىً مهملين وذلك يفضي إلى خراب الدنيا بعد أن يفضي إلى خراب الأخرى مع أن قوله في بعض طرق الحديث (أن يعبدوه) يتضمن جميع أنواع التكاليف الشرعية وقوله: (ولا يشركوا به شيئًا) يشمل مسمى الشرك الجلي والخفي فلا راحة للتمسك به في ترك العمل لأن الأحاديث إذا ثبتت وجب ضم بعضها إلى بعض فإنها في حكم الحديث الواحد فيحمل مطلقها على مقيدها ليحصل العمل بجميع ما في مضمونها وبالله التوفيق اهـ من فتح الملهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>