مكانك ولا تبرح عنه (حتى آتيك) وأرجع إليك (قال) أبو ذر: (فانطلق) رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب من عندي (حتى توارى) أي حتى غاب واستتر (عني قال) أبو ذر: ثم (سمعت لغطًا) بفتح الغين وإسكانها لغتان أي جلبة وأصواتًا مرتفعة مختلطة.
وقال الأبي: إن كان اللغط اختلاط الأصوات وارتفاعها فلعله كان مع جبريل عليه السلام غيره من الملائكة.
(وسمعت صوتًا) غير مفهوم (قال) أبو ذر: (فقلت) في نفسي: (لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض له) على صيغة المبني للمجهول أي عرض له الجن وأصابه منهم مس.
وفي بعض الروايات:(فتخوفت أن يكون أحد عرض للنبي صلى الله عليه وسلم) أي تعرض له بسوء.
(قال) أبو ذر: (فهممت) أي قصدت (أن أتبعه) وألحقه بفتح الهمزة وتشديد التاء من الإتباع بمعنى اللحوق أي أردت أن أذهب إليه وفيه أدب أبي ذر مع النبي صلى الله عليه وسلم وترقبه أحواله وشفقته عليه حتى لا يدخل عليه أدنى شيء مما يتأذى به (قال) أبو ذر: (ثم ذكرت) أي تذكرت (قوله) لي (لا تبرح) أي لا تزل عن مكانك هذا (حتى آتيك) وأرجع إليك فيه امتثال أمر الكبير بالوقوف عنده أولى من ارتكاب ما يخالفه بالرأي ولو كان فيما يقتضيه الرأي توهم دفع مفسدة حتى يتحقق ذلك فيكون دفع المفسدة أولى (قال) أبو ذر: (فانتظرته) صلى الله عليه وسلم في مكاني ذلك حتى رجع (فلما جاء) في (ذكرت له) صلى الله عليه وسلم الصوت (الذي سمعتـ) ـه أي سألته عن ذلك وفيه استفهام التابع من متبوعه على ما يحصل له فائدة دينية أو علمية أو غير ذلك (قال) أبو ذر: (فقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالي: (ذاك) الصوت صوت (جبريل) - عليه السلام - أو الذي كنت أخاطبه جبريل (أتاني) أي جاءني (فقال) لي: (من