يَا رَسُولَ اللهِ، حَيثُ شِئْتَ. قَال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "بَخْ! ذلِكَ مَالٌ رَابِحٌ. ذلِكَ مَالٌ رَابِحٌ. قَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهَا. وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ" فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ
ــ
شئت وأردت أن تجعلها فيه من مصارف الخير واصرفها فيه فوض تعيين مصرفها إليه - صلى الله عليه وسلم - لكن ليس فيه تصريح بأن أبا طلحة جعلها حبسًا قال أنس كما في رواية البخاري: فـ (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بخ) بفتح الباء وسكون الخاء على وزن بل وهل وتنوينها مكسورة مخففة في الأكثر بلا تكرار وقد تكرر للمبالغة الأول منون مكسور أو مضموم والثاني مسكن ويقال بخْ بخْ مسكنين وبخٍ بخٍ منوّنين وبخٍّ وبخٍّ مشددين وهي كلمة تقال عند الرضا والإعجاب بالشيء أو الفخر والمدح اهـ من القاموس فمن نونه شبهه بأسماء الأفعال كصه ومه فيكون بمعنى أعجب من هذا الأمر وقال ابن دريد: معناه تعظيم الأمر وتفخيمه.
(ذلك) الذي صرفته لله تعالى (مال رابح ذلك مال رابح) كرره للتأكيد وهو بالباء الموحدة أي مال ذو ربح عند الله تعالى صيغة نسب كلابن وتامر أي يربح صاحبه في الآخرة أو مال مربوح فيه على أنه فاعل بمعنى مفعول.
وذكر النواوي فيه رواية (رائح) بالهمزة المنقلبة عن الواو أي رائح عليك أجره ونفعه في الآخرة هذا محصل ما ذكره وهو من الرواح أي من شأنه الذهاب فإذا ذهب في الخير فهو أولى.
ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (قد سمعت) أنا (ما قلت) لي (فيها) يا أبا طلحة (و) لكن (أني أرى) من الرأي أو من الرؤية بمعنى العلم (أن تجعلها في الأقربين) لك وتقسمها بينهم قال أنس: (فقسمها) أي فقسم بيرحا (أبو طلحة في أقاربه وبني عمه) وهو من عطف الخاص على العام اهتمامًا بشأنهم وفيه أن الصدقة على الأقارب أفضل من الأجانب إذا كانوا محتاجين وفي تفسير صحيح البخاري (فجعل لحسان وأبي وأنا أقرب إليه ولم يجعل لي منها شيئًا) اهـ.
وفي بعض الروايات (فجعلها أبو طلحة في ذي رحمه وكان منهم حسان وأبي بن كعب) وفي مرسل أبي بكر بن حزم (فرده على أقاربه أبي بن كعب وحسان بن ثابت وأخيه وابن أخيه شداد بن أوس ونبيط بن جابر فتقاوموه فباع حسان حصته من معاوية بمائة ألف درهم) قال الحافظ: وهذا يدل على أن أبا طلحة ملكهم الحديقة المذكورة