للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قِيلَ: أَرَأَيتَ إِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَال: "يَعْتَمِلُ بِيَدَيهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ" قَال: قِيلَ: أَرَأَيتَ إِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ؟ قَال: "يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ"

ــ

قال القرطبي: قوله: (على كل مسلم صدقة) هو هنا مطلق وقد قيده من حديث أبي هريرة بقوله: (في كل يوم) وظاهر هذا اللفظ الوجوب لكن خففه الله تعالى حيث جعل ما خف من المندوبات مسقطًا له لطفًا منه وتفضلًا اهـ من المفهم.

(قيل) له صلى الله عليه وسلم: (أرأيت) أي أخبرني (إن لم يجد) ما يتصدق به أي أخبرني ما حكم من لم يجد ما يتصدق به وفي زكاة البخاري وأدبه: (قالوا: فمن لم يجد) وهو المأخوذ في المشكاة كأنهم فهموا من لفظ الصدقة العطية فسألوا عمن ليس عنده شيء فبين لهم أن المراد بالصدقة ما هو أعم من ذلك ولو بإغاثة الملهوف والأمر بالمعروف.

وهل تلتحق هذه الصدقة بصدقة التطوع التي تحسب يوم القيامة من الفرض الذي أخل به فيه نظر الذي يظهر أنها غيرها لما تبين من حديث عائشة المذكور إنها شرعت بسبب عتق المفاصل حيث قال في آخر هذا الحديث (فإنه يمسي يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار) (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤالهم فمن لم يجد ما يتصدق به (يعتمل) الاعتمال افتعال من العمل وعند البخاري (يعمل) أي يعمل ويكتسب (بيديه فينفع نفسه) أولًا بما اكتسبه ويدفع ضرره عن الناس (ويتصدق) إن فضل عن نفسه.

قال ابن بطال: فيه التنبيه على العمل والتكسب ليجد المرء ما ينفق على نفسه ويتصدق به ويغنيه عن ذل السؤال وفيه الحث على فعل الخير مهما أمكن وأن من قصد شيئًا منها فتعسر فلينتقل إلى غيره (قال) أبو موسى الأشعري: (قيل) له صلى الله عليه وسلم ثانيًا: (أرأيت) يا رسول الله (إن لم يستطع) ذلك المسلم لنفسه (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوابهم: (يعين) ذلك العاجز عن العمل لنفسه (ذا الحاجة) أي صاحب الحاجة إلى الإعانة أي يعين المحتاج إلى الإعانة له في عمله (الملهوف) بالنصب صفة لذا لأنه من الأسماء الخمسة أي المضطر إلى الإعانة له ويحتمل أن تكون الإعانة بالفعل أو بالمال أو بالجاه أو بالدلالة أو النصيحة أو الدعاء (الملهوف) أي المستغيث وهو أعم من أن يكون مظلومًا أو عاجزًا قال النواوي: الملهوف عند أهل اللغة يطلق على المتحسر وعلى المضطر وعلى المظلوم وقولهم: يا لهف نفسي على كذا كلمة يتحسر بها على ما فات ويقال: لهف يلهف لهفًا من باب فهم أي حزن وتحسر وكذلك التلهف اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>