قال القرطبي (الملهوف) هو المضطر الذي قد شغله همه بحاجته عن كل ما سواها ولا شك في أن قضاء حاجة من كانت هذه حاله يتعدد فيها الأجر ويكثر بحسب ما كشف من كربة صاحبها ومقصود هذه الأحاديث الترغيب في أعمال البر والخير بطريق إظهار وجه الاستحقاق واللطف والحمد لله اهـ من المفهم.
(قال) الراوي: (قيل له) صلى الله عليه وسلم ثالثًا: (أرأيت) يا رسول الله (إن لم يستطع) أي إن لم يقدر الإعانة للملهوف فماذا يفعل (قال) صلى الله عليه وسلم: (يأمر) ذلك العاجز عن الإعانة للملهوف (بالمعروف) أي يأمر الناس بما عرف حسنه شرعًا واجبًا أو مندوبًا (أو) قال الراوي أو من دونه: يأمر بـ (الخير) بدل المعروف والمعنى واحد أو للشك من الراوي (قال) الرواي قيل له صلى الله عليه وسلم: (أرأيت إن لم يفعل) الأمر بالمعروف عجزًا أو كسلًا (قال) صلى الله عليه وسلم: (يمسك) نفسه (عن الشر) والإذاية للناس ويكفها عنه (فإنها) أي فإن خصلة الإمساك عن الشر (صدقة) على نفسه كما في غير هذه الرواية والمراد أنه إذا أمسك عن الشر لله تعالى كان له أجر على ذلك كما أن للمتصدق بالمال أجرًا اهـ نووي.
وفي فتح الملهم: كذا وقع هنا بضمير المؤنث وهو باعتبار معنى الخصلة في الإمساك كما ذكرنا في الحل قال الزين ابن المنير: إنما يحصل للمسك عن الشر إذا نوى بالإمساك القربة بخلاف محض الترك والإمساك أعم من أن يكون عن غيره فكأنه تصدق عليه بالسلامة منه فإن كان شره لا يتعدى نفسه فقد تصدق على نفسه بأن منعها من الإثم قال: وليس ما تضمنه الخبر من قوله: (فإن لم يجد) ترتيبًا وإنما هو للإيضاح لما يفعله من عجز عن خصلة من الخصال المذكورة فإنه يمكنه خصلة أخرى فمن أمكنه أن يعمل فيتصدق وأن يغيث الملهوف وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويمسك عن الشر فليفعل الجميع اهـ منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (٤/ ٣٩٥ و ٤١١) والبخاري (٦٠٢٢).
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه فقال: