(بهم من) آثار (الفاقة) والفقر الشديد يعني لما لم يكن عنده من المال ما يجبر كسرهم ويغني فقرهم ويكسوهم ويعطيهم وما يعينهم وهذا من كمال رأفته ورحمته خصوصًا في حق أمته قوله: (فتمعر) قال ابن الأثير: وأصل التمعر قلة النضارة وعدم إشراق اللون من قولهم: مكان أمعر وهو الجدب الذي لا خصب فيه ومعر الرأس بفتحتين قلة شعره والأمعر أيضًا القليل الشعر اهـ.
(فدخل) رسول الله صلى الله عليه وسلم حجرته لعله يلقى شيئًا من زيادة النفقة أو لتجديد الطهارة والتهيئة للموعظة قاله القاري (ثم خرج) من بيته فرجع إلى المسجد (فأمر بلالًا) مؤذنه صلى الله عليه وسلم بأن يؤذن للظهر كما صرح في رواية أخرى (فأذن) بلال (وأقام) للصلاة (فصلى) بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر (ثم) بعد ما فرغ من الصلاة صعد المنبر و (خطب) الناس فيه استحباب جمع الناس للأمور المهمة ووعظهم وحثهم على مصالحهم وتحذيرهم من القبائح (فقال) في خطبته أي قرأ في خطبته قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}[النساء: ١] إلى آخر الآية) يعني قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيكُمْ رَقِيبًا} قال عياض: قراءته صلى الله عليه وسلم لها كلها لما فيها من قوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} وقال النواوي: يريد كأنهم إخوة وقال الأبي: يعني من قوله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} وهو تنبيه على سبب التواصل (و) قرأ (الآية التي) في سورة (الحشر) يعني قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا (اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ) إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} أي ولتتفكر النفوس ولتتأمل بأي شيء من العبادات والخيرات هيأته وادخرته لغد من الزمان وهو يوم القيامة.
وقوله (تصدق رجل) بفتح القاف خبر بمعنى الأمر أي ليتصدق كل رجل منكم (من ديناره) الذي عنده و (من درهمه) الذي عنده و (من ثوبه) الذي عنده و (من صاع بره)