للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُضْطَرَّ إِلَى نَقْلِ مَنْ لَيسَ بِثِقَةٍ وَلَا مَقْنَعٍ.

وَلَا أَحْسِبُ كَثيرًا مِمَّنْ يُعَرِّجُ مِنَ النَّاسِ عَلى مَا وَصَفْنَا مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ الضِّعَافِ وَالأَسَانِيدِ الْمَجْهُولَةِ

ــ

الصحيحة عن رواية الأحاديث الكاذبة (أكثرُ) مِنْ أَنْ تَقِلَّ وأَشْهَرُ (مِنْ أَنْ) تَخْفَى حتَّى (يُضْطَرَّ) ويُحْتَاجَ حاجةً ضروريةً (إلى نَقْلِ) ورواية أخبارِ (مَنْ ليس بِثِقَةٍ) ولا مأمونٍ في حديثه (ولا مَقْنَعٍ) أي: ولا صاحبِ قناعةٍ بالأحاديث الصحيحة عن نَقْلِ الأحاديث السقيمة .. كان آثمًا بِفِعْلِهِ ذلك غاشًّا لعوامّ المسلمين.

وفي "المنهاج": (قوله: "وأهل القَناعة" هي بفتح القاف؛ أي: الذين يقنع بحديثهم لكمال حفظِهم وإتقانهم وعدالتهم، قوله: "ولا مَقْنَعٍ" هو بفتح الميم والنون) اهـ (١).

قلتُ: والمقنع مصدر ميمي بمعنى القناعة، يقال: قنع من باب سلم قناعة ومقنعًا، والقناعةُ: الرِّضا بالقسم، فهو قَنِعٌ بوزن فَرِح وقَنُوع بوزن رَسُول، وأَقْنَعَهُ الشيءُ؛ أي: أَرْضَاه، وقال بعضُ أهل العلم: إنَّ القُنُوع بضمتين أيضًا قد يكون بمعنى الرِّضا، والقانع بمعنى الرَّاضي، وأنشد بعضُهم:

وقالوا قَدْ زُهِيتَ فقلْتُ كَلَّا ... ولكنِّي أَعزَّنِيَ القُنُوعُ

وقال لبيدٌ:

فمنهم سعيدٌ آخذ بنصيبه ... ومنهم شَقِيٌّ بالمعيشة قانعُ

وفي المثل: (خَيرُ الغنى القُنُوعُ، وشَرُّ الفقرِ الخُضُوعُ).

قال: ويجوز أن يكون السائلُ سُمِّي قانعًا؛ لأنه يَرْضَى بما يُعْطَى قَلَّ أو كَثُرَ، ويقبله ولا يَرُدُّه، فيكون معنى الكلمتَينِ راجعًا إلى الرِّضا. اهـ "مختار".

(ولا أَحْسِبُ) أي: لا أَظُنُّ (كثيرًا مِمَّنْ يُعَرِّجُ) ويعتمدُ (من الناسِ) صفةٌ لـ (كثيرًا) وبيانٌ له (على ما وَصَفْنا) متعلِّقٌ بـ (يُعَرِّجُ) أي: ولا أَحْسِبُ كثيرًا من الناس حالة كونه مِمَّنْ يُعَرِّجُ ويُقِيمُ ويستمرُّ ويدومُ على نشْرِ وإفتاءِ ما وَصَفْنا وذكَرْنا (مِنْ هذه الأحاديثِ الضِّعَافِ) من حيث المتونُ (و) من (الأسانيدِ المجهولةِ) من حيث


(١) "شرح صحيح مسلم" (١/ ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>