للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بجرحِ سليمٍ من الجرح أو بنقص من لم يظهر نقصه، فإنَّ مفسدة الجرح عظيمة، فإنها غيبةٌ مؤيَّدة مبطلة لأحاديثه، مسقِطةٌ لسُنَّةٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورادَّةٌ لحُكْمٍ من أحكام الدِّين.

ثم إنما يجوزُ الجَرْحُ لعارفٍ به مقبول القول فيه، أمَّا إذا لم يكن الجارحُ من أهل المعرفة، أو لم يكن ممّن يُقبل قولُه فيه .. فلا يجوزُ له الكلامُ في أحد، فإنْ تَكلَّمَ .. كان كلامُه غيبةً مُحرَّمةً، كذا ذَكَرَه القاضي عِياضٌ رحمه الله تعالى (١)، وهو ظاهرٌ، قال: وهذا كالشاهد يجوز جَرْحُهُ لأهل الجرح، ولو عابه قائلٌ بما جُرِّح به .. أُدِّبَ وكان غيبة.

الثانية: الجرحُ لا يُقبل إلَّا من عَدْلٍ عارفٍ بأسبابه، وهلْ يشترط في الجارح والمُعدِّل العدد؟ فيه خلافٌ للعلماء، والصحيحُ: أنَّه لا يشترط، بل يصيرُ مجروحًا أو عدلًا بقولِ واحدٍ؛ لأنه من باب الخبر فيُقبل فيه الواحد.

وهل يُشترط ذِكْرُ سبب الجَرْح أم لا؟ اختلفوا فيه: فذهب الشافعي وكثيرون إلى اشتراطه؛ لكونه قد يعدّه مجروحًا بما لا يجرح لخفاء الأسباب ولاختلاف العلماء فيها.

وذهب القاضي أبو بكر بن الباقلّاني في آخرين إلى أنَّه لا يُشترط.

وذهب آخرون إلى أنَّه لا يُشترط من العارف بأسبابه ويشترط من غيره.

وعلى مذهب من اشترط في الجرح التفسيرَ تقول: فائدةُ الجَرْح فيمن جرح مطلقًا: أن يتوقف عن الاحتجاج به إلى أن يبحث عن ذلك الجرح (٢).

ثم مَنْ وُجِدَ في "الصحيحين" ممّن جَرَحَه بعضُ المتقدِّمين يُحمل ذلك على أنَّه لم يثبت جَرْحُه مفسَّرًا بما يجرح.

ولو تَعارَضَ جَرْحٌ وتعديلٌ .. قُدِّمَ الجرحُ على المختار الَّذي قاله المحققون والجماهير، ولا فرق بين أن يكون عددُ المعدِّلين أكثر أو أقلَّ، وقيل: إذا كان


(١) "إكمال المعلم" (١/ ١٦٠).
(٢) انظر "إكمال المعلم" (١/ ١٣١ - ١٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>