(شحيح) من الشح وهو البخل مع الحرص أي بخيل حريص حال كونك (تخشى الفقر وتأمل الغنى) بضم الميم أي تطمع الغنى لمجاهدة النفس حينئذ على إخراج المال مع قيام المانع وهو الشح إذ فيه دلالة على صحة القصد وقوة الرغبة في القربة قال الخطابي: الشح أعم من البخل وكان الشح جنس والبخل نوع وأكثر ما يقال البخل في أفراد الأمور والشح عام كالوصف اللازم وما هو من قبل الطبع قال: فمعنى الحديث أن الشح غالب في حال الصحة فإذا سمع فيها وتصدق كان أصدق في نيته وأعظم لأجره بخلاف من أشرف على الموت وأيس من الحياة ورأى مصير المال لغيره فإن صدقته حينئذ ناقصة بالنسبة إلى حالة الصحة والشح ورجاء البقاء وخوف الفقر اهـ نواوي.
وعبارة القرطبي هنا: والشح المنع مطلقًا يعم المال وغيره وهو من أوصاف النفس المذمومة ولذلك قال: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الحشر: ٩] والبخل بالمال فكأنه نوع من الشح قال معناه الخطابي.
وقد دل على صحة هذا قوله صلى الله عليه وسلم:(إياكم والشح فإنه أهلك من قبلكم أمرهم بالبخل فبخلوا وأمرهم بالفجور ففجروا وأمرهم بالقطيعة فقطعوا) رواه أبو داود من حديث عبد الله بن عمر أي شح النفس وهو منعها من القيام بالحقوق المالية وغيرها اهـ من المفهم.
وقوله:(وتخشى الفقر) أي تقول في نفسك لا تتلف مالك كيلا تفسير فقيرًا فتحتاج إلى الناس.
وقوله:(وتأمل الغنى) بضم الميم بمعنى تطمع وترجو أي وتقول اترك مالك في بيتك لتكون غنيًّا ويكون لك عز عند الناس بسبب غناك.
(ولا تمهل) بالإسكان على أنه نهي وبالرفع على أنه نفي ويجوز النصب عطفًا على أن تصدق أي ولا تؤخر الصدقة (حتى إذا بلغت) الروح وقاربت (الحلقوم) بضم الحاء المهملة مجرى النفس والمرئ مجرى الطعام والشراب والمراد قاربت بلوغه إذ لو بلغت حقيقة لم يصح شيء من تصرفاته ولم يجر للروح ذكر استغناء بدلالة السياق (قلت لفلان كذا ولفلان كذا) كناية عن الموصى له والموصي به فيهما (وقد كان لفلان كذا) أي وقد