طلب الرزق وارتكب المشقة في ذلك ولولا قبح المسئلة في نظر الشرع لم يفضل ذلك عليها وذلك لما يدخل على السائل من ذم السؤال ومن ذل الرد إذا لم يعط ولما يدخل على المسؤول من الضيق في ماله إن أعطى كل سائل.
وأما قوله:(خير له) فليست المفاضلة على بابها إذ لا خير في السؤال مع القدرة على الاكتساب ويحتمل أن يكون المراد بالخير فيه بحسب اعتقاد السائل وتسميته الذي يعطاه خيرًا وهو في الحقيقة شر والله أعلم.
وقال السندي:(قوله خير من أن يسأل رجلًا) أي لو فرض في السؤال خير لكان هذا خيرًا منه وإلا فمعلوم أنه لا خيرية في السؤال.
قال الحافظ: ومن المواضع التي وقع فيها التردد من لا شيء له فالأولى في حقه أن يكتسب للصون عن ذل السؤال أو يترك وينتظر ما يفتح عليه بغير مسئلة فصح عن أحمد مع ما اشتهر من زهده وورعه أنه قال لمن سأله عن ذلك: الزم السوق وقال لآخر: استغن عن الناس فلم أر مثل الغنى عنهم وقال: ينبغي للناس كلهم أن يتوكلوا على الله وأن يعودوا أنفسهم التكسب ومن قال بترك التكسب فهو أحمق يريد تعطيل الدنيا نقله عنه أبو بكر المروزي وقال: أجرة التعليم والتعلم أحب إيئَ من الجلوس لانتظار ما في أيدي الناس وقال أيضًا: من جلس ولم يحترف دعته نفسه إلى ما في أيدي الناس وأسند عن عمر رضي الله عنه: كسب فيه بعض الشيء خير من الحاجة إلى الناس وأسند عن سعيد بن المسيب أنه قال عند موته وترك مالًا: اللهم إنك تعلم أني لم أجمعه إلا لأصون به ديني وعن سفيان الثوري وعن أبي سليمان الداراني ونحوهما من السلف نحوه بل نقله البربهاري عن الصحابة والتابعين وأنه لا يحفظ عن أحد منهم أنه ترك تعاطي الرزق مقتصرًا على ما يفتح عليه اهـ فتح الملهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (٢/ ٤٧٥) والترمذي (٦٨٠).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في هذا الحديث فقال:
(٢٢٨٢)(وحدثني محمد بن حاتم) بن ميمون السمين البغدادي صدوق من (١٠)(حدثنا يحيى بن سعيد) القطان البصري (عن إسماعيل) بن أبي خالد سعد البجلي