والسداد بفتح أوله الإصابة في الشيء وقوله:(حتى يصيبها ثم يمسك وحتى يصيب قوامًا) فيه حد الإباحة إلى زوال الموجب لها ثم عوده إلى الأصل السابق الممنوع اهـ من المفهم.
(و) ثالثها (رجل) أي غني (أصابته فاقة) أي حاجة شديدة اشتهر بها بين قومه (حتى يقوم) ويقول على رؤوس الأشهاد (ثلاثة من ذوي الحجا) بكسر الحاء وفتح الجيم مقصورًا أي من أصحاب العقل الكامل (من قومه) أي من جيرانه ممن له خبرة بباطنه وإنما قال صلى الله عليه وسلم: (من قومه) لأنهم من أهل الخبرة بباطنه والمال مما يخفى في العادة فلا يعلمه إلا من كان خبيرًا بصاحبه أي حتى يقوموا قائلين على رؤوس الإشهاد والله (لقد أصابت فلانًا فاقة) أي فقر بعد غناه والمراد المبالغة في ثبوت الفاقة وإلا فبينة الإعسار كبينة غيره.
قال النواوي: هكذا هو في جميع النسخ (يقوم) بالميم والذي في سنن أبي داود (يقول) باللام كما في نسخة عندنا وفي قوله: (من ذوي الحجا) تنبيه على أنه يشترط في الشاهد التيقظ فلا يقبل من مغفل.
قال السندي: وهذا كناية عن كون تلك الفاقة محققة لا مخيلة حتى لو استشهد عقلاء قومه بتلك الفاقة شهدوا بها والله تعالى أعلم.
والفرق بين هذا القسم والقسم السابق أن الفاقة في القسم الأول ظاهرة بين غالب الناس وفي هذا القسم خفية عنهم وقال ابن الملك: وهذا على سبيل الاستحباب والاحتياط ليكون أدل على براءة السائل عن التهمة في ادعائه وأدعى للناس إلى سرعة إجابته وخص بكونهم من قومه لأنهم هم العالمون بحاله وهذا من باب التبيين والتعريف إذ لا مدخل لعدد الثلاث من الرجال في شيء من الشهادات عند أحد من الأئمة وقيل: إن الإعسار لا يثبت عند البعض إلا بثلاثة لأنها شهادة على النفي فثلثت على خلاف ما اعتيد في الإثبات للحاجة.
وقال السيد جمال الدين نقلًا عن التخريج: أخذ بظاهر الحديث بعض أصحابنا وقال الجمهور: يقبل من عدلين وحملوا الحديث على الاستحباب وهذا محمول على من