أعطيت) بصيغة المجهول المسند إلى ضمير المخاطب أي ما أعطيتك من العمالة (فإني عملت) في جمع الزكوات (على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعملني) بتشديد الميم أي أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أجرة عملي.
قال الطحاوي: فليس معنى هذا الحديث في الصدقات وإنما هو في الأموال التي يقسمها الإمام وليست هي من جهة الفقر ولكن من الحقوق فلما قال عمر: (أعطه أفقر إليه مني) لم يرض بذلك لأنه إنما أعطاه لمعنى غير الفقر قال: ويؤيده قوله في رواية شعيب: (خذه فتموله) فدل ذلك على أنه ليس من الصدقات.
وقال الطبري: في حديث عمر الدليل الواضح على أن لمن شغل بشيء من أعمال المسلمين أخذ الرزق على عمله وذكر ابن المنذر أن زيد بن ثابت كان يأخذ الأجر على القضاء واحتج أبو عبيد في جواز ذلك بما فرض الله تعالى للعاملين على الصدقة وجعل لهم منها حقًّا لقيامهم وسعيهم فيها اهـ فتح الملهم.
(فقلت) لرسول الله صلى الله عليه وسلم (مثل قولك) لي يعني إنما عملت لله (فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أعطيت شيئًا من غير أن تسأل فـ) ـخذه ولا ترده ثم (كلـ) ـه إن كنت محتاجًا إليه (وتصدق) به إن كنت مستغنيًا عنه.
قال القرطبي:(قوله: فكل وتصدق) يدل على أنه حلال طيب يصلح للأكل والتصدق وغيرهما وأما ما لا يكون كذلك فلا يصلح لشيء من ذلك كما تقدم وهذا الحديث أصل في أن كل من عمل للمسلمين عملًا من أعمالهم العامة كالولاية والقضاء والحسبة والإمامة فأرزاقهم في بيت مال المسلمين وأنهم يعطون ذلك بحسب عملهم اهـ من المفهم قال النواوي: في هذا الحديث منقبة لعمر وبيان فضله وزهده وإيثاره (قلت): وكذا لابن السعدي فقد طابق فعله فعل عمر سواءً اهـ قال الطبري (قوله: فكل وتصدق) اختلفوا فيه بعد إجماعهم على أنه ندب فقيل: هو ندب لكل من أعطي عطية أبي قبولها كائنًا من كان وهذا هو الراجح يعني بشرط عدم السؤال وإشراف النفس وقيل: هو مخصوص بالسلطان ويؤيده حديث سمرة في السنن (إلا أن يسأل السلطان) وكان بعضهم يقول: يحرم قبول