ابن شعبة المكي (وقتيبة بن سعيد) البلخي (قال: يحيى أخبرنا وقال الآخران: حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم).
وهذا السند من رباعياته رجاله اثنان منهم بصريان وواحد واسطي وواحد إما نيسابوري وإما مكي وإما بلخي.
(لو كان لابن آدم واديان) مملوءان (من مال) أي لو حصل له واديان من مال فكان تامة والجار والمجرور صفة للواديين وفي رواية (من ذهب) وفي أخرى (من فضة وذهب) ذكره المناوي (لابتغى) وطلب (واديًا ثالثًا) يضمه إليهما لشدة حرصه على المال وفي المشارق زيادة إليهما بعده.
فقال ابن الملك: الابتغاء هو الطلب عدى هنا بإلى لتضمنه معنى الضم يعني لضم إليهما واديًا ثالثًا وهلم جرا وجملة قوله: (ولا يملأ جوف ابن آم إلا التراب) مستأنفة استئنافًا بيانيًا يعني أنه لا يزال حريصًا على الدنيا حتى يموت ويمتلئ جوفه من تراب قبره اهـ نواوي.
وههنا (نكتة) وهي أن في ذكر ابن آدم دون الإنسان تلويحًا إلى أنه مخلوق من تراب ومن طبيعته القبض واليبس وإزالته ممكنة بأن يمطر الله تعالى عليه من تمام توفيقه كما يدل عليه قوله في الحديث: (ويتوب الله) سبحانه وتعالى (على من تاب) من حرصه فإنه في موضع إلا من عصمه الله أفاده ابن الملك وقال النواوي: معناه أن الله تعالى يقبل التوبة من التائب عن حرصه المذموم وعن غيره من المذمومات.
وفي بعض الروايات الآتية:(ولن يملأ فاه) وفي أخرى: (ولا يملأ نفس ابن آدم) قال الكرماني: ليس المراد الحقيقة في عضو بعينه بقرينة عدم الانحصار في التراب إذ غيره يملؤه أيضًا بل هو كناية عن الموت لأنه مستلزم للامتلاء فكأنه قال: لا يشبع من الدنيا حتى يموت فالغرض من العبارات كلها واحد وهي من التفنن في العبارة.
(قلت): وهذا يحسن في فيما إذا اختلفت مخارج الحديث وأما إذا اتحدت فهو من تصرف الرواة كذا في الفتح.