وثانيهما: ثبوت ملاقاته لمن روى عنه بعن أو بأن عند البخاري والجمهور، واكْتفَى مسلم عن الشرط الثاني بثبوت كونهما في عصر واحد كما سيأتي مبسوطًا) اهـ من "الباكورة".
والتدليسُ لغةً: الإخفاءُ من قولهم دَلَّسَ العيب في المبيع إذا أخفاه وستره فيه.
واصطلاحًا: قسمان:
الأول: تدليس الإسناد، وهو: أن يسقط الراوي شيخه لكونه صغيرًا أو ضعيفًا، أو يرتقي إلى شيخ شيخه أو إلى من فوقه ممن هو معاصر لذلك الراوي، فيُسند ذلك إليه بلفظ لا يقتضي الاتصال؛ لئلَّا يكون كذبًا كقوله: عن فلان أو أن فلانًا قال كذا.
والثاني: تدليس الشيوخ، وهو: أن يُسَمِّي الراوي شيخَه الَّذي سمع منه بغير اسمه المعروف عند الناس، أو يَكْنِيَهُ أو يُلقِّبه أو ينسبه بكنية غير مشهورة فيه أو لقب غير مشهور فيه؛ أو نسبة غير مشهورة فيه؛ لكي تصعب تلك الطريقُ على غيره (١). اهـ منها وعبارة النووي رحمه الله تعالى: (والتدليس قسمان:
أحدهما: أَنْ يَرْويَ عَمَّنْ عَاصَرَهُ ما لم يسمعه منه مُوهمًا سماعَه منه قائلًا: قال فلان أو عن فلان أو نحوه، وربما لم يسقط شيخه وأسقط غيره؛ لكونه ضعيفًا أو صغيرًا تحسينًا لصورة الحديث.
وهذا القسمُ مكروهٌ جدًّا، ذَفه أكثرُ العلماء، وكان شعبةُ مِنْ أَشَدِّهم ذمًّا له، وظاهرُ كلامه: أنَّه حرامٌ، وتحريمهُ ظاهرٌ؛ فإنه يُوهِمُ الاحتجاجَ بما لا يجوزُ الاحتجاجُ به، ويتسبَّبُ أيضًا إلى إسقاط العمل بروايات نفسه مع ما فيه من الغُرور، ثم إن مفسدته دائمة، وبعض هذا يكفي في التحريم فكيف باجتماع هذه الأمور؟ ! ثم قال فريق من العلماء: مَنْ عُرف منه هذا التدليس .. صار مجروحًا لا تُقبل له رواية في شيءٍ أبدًا وإنْ بَيَّنَ السماع، والصحيحُ: ما قاله الجماهير: أن ما رواه بلفظ محتمل لم يُبيِّن فيه السماع .. فهو مرسل، وما بَيَّنَهُ فيه كسمعتُ وحدَّثَنا وأخبَرَنا