(إلى قراء أهل البصرة) وكانوا فقهاء لأنهم كانوا يتفقهون في القرآن كما يدل عليه حديث أبي موسى (فدخل عليه) أي على أبي موسى (ثلاثمائة رجل قد قرؤوا القرآن) وحفظوه (فقال) لهم أبو موسى: (أنتم) أيها الحاضرون (خيار أهل البصرة) وفقهاؤهم (وقراؤهم فاتلوه) أي فاتلو القرآن ولازموا تلاوته (ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم) الأمد الغاية والمدة والقسوة غلظ القلب وفيه تلميح إلى قوله تعالى في سورة الحديد: {فَطَال عَلَيهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} اهـ نواوي.
أي ولا يعجبنكم طول مدة البقاء في الدنيا فتستطيبوا طولها فتطمعوا فيه فتقسو قلوبكم أي فتكون قلوبكم غليظة قاسية عن قبول الخير.
قال القرطبي: يعني به لا تستطيبوا طول مدة البقاء في الدنيا فإن ذلك مفسد للقلب بما يجره إليها من الحرص والقسوة حتى لا تلين لذكر الله ولا تنتفع بموعظة ولا زجر كما قال صلى الله عليه وسلم (إن أخوف ما أخاف على أمتي اتباع الهوى وطول الأمل فاتباع الهوى يصرف قلوبكم عن الحق وطول الأمل يصرف هممكم إلى الدنيا وما بعدهما لأحد خير من دنيا ولا آخرة) رواه ابن عدي في الكامل اهـ من المفهم.
(كما قست) وغلظت (قلوب من كان قبلكم) من الأمم بطول الأمد وأبت عن قبول كل خير إلا اتباع الهوى (وإنا) معاشر الصحابة (كنا نقرأ) في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (سورة كنا نشبهها في الطول والشدة) أي صعوبة كلماتها (ببراءة فأنسيتها غير أني) أي لكن أني (قد حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديًا ثالثًا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب) قال الأبي: هذا هو الذي شك فيه ابن عباس (وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها) في القصر والسهولة (بإحدى المسبحات) هي من السور ما افتتح بسبحان وسبح ويسبح وسبح اسم ربك (فأنسيتها غير أني حفظت منها) أي لكن بقي في