(إلا ما يخرج الله) سبحانه وتعالى (لكم) أي يخرجه من الأرض ويبسطه لكم حالة كون ما يخرجه لكم (من زهرة الدنيا) وزينتها ومتاعها ونعيمها والزهرة بفتح الزاي وسكون الهاء والمراد بها الزينة والبهجة كما في الحديث والزهرة مأخوذة من زهرة الشجر وهو نورها بفتح النون والمراد بها ما فيها من أنواع المتاع والعين والثياب والزروع وغيرها مما يفتخر الناس بحسنه مع قلة البقاء.
قال القاري: والمعنى إني أخاف عليكم أن كثرة أموالكم عند فتح بلادكم تمنعكم من الأعمال الصالحة وتشغلكم عن العلوم النافعة وتحدث فيكم الأخلاق الدنية من التكبر والعجب والغرور ومحبة المال والجاه وما يتعلق بهما من لوازم الأمور الدنيوية والإعراض عن الاستعداد للموت وما بعده من الأحوال الأخرى.
قال النواوي: وفيه التحذير من الاغترار بالدنيا والنظر إليها والمفاخرة بها وفيه استحباب الحلف من غير استحلاف إذا كان فيه زيادة في التوكيد والتفخيم ليكون أوقع في النفوس اهـ.
(فقال رجل) من الحاضرين لم أر من ذكر اسمه: (يا رسول الله أيأتي الخير بالشر) أي أتصير النعمة عقوبة لأن زهرة الدنيا نعمة من الله فهل تعود هذه النعمة نقمة وهو استفهام استرشاد لا إنكار والباء في قوله بالشر صلة ليأتي أي هل يستجلب الخير والشر وفيه تسمية المال خيرًا ويؤيده قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيرِ لَشَدِيدٌ} وقوله تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيرًا الْوَصِيَّةُ}.
وفي بعض الهوامش: قوله: (أيأتي الخير بالشر) الباء فيه للتعدية والاستفهام الإنكاري للاسترشاد والمعنى فهل يستجلب الخير الشر يعني أن ما يحصل لنا من الدنيا خير إذا كان من جهة مباحة فهل يترتب عليه شر اهـ.
(فصمت) أي سكت (رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعةً) أي زمانًا قليلًا.
وفي رواية عطاء عند البخاري:(حتى ظننت أنه ينزل عليه) أي الوحي وكأنهم فهموا ذلك بالقرينة من الكيفية التي جرت عادته بها عندما يوحى إليه.
قال الحافظ رحمه الله: إنه صلى الله عليه وسلم كان ينتظر الوحي عند إرادة