للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غَيرَ أَنَّا لَمَّا تَخَوَّفْنَا مِنْ شُرُورِ الْعَوَاقِبِ، وَاغْتِرَارِ الْجَهَلَةِ بِمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، وإِسْرَاعِهِمْ إِلَى اعْتِقَادِ خَطَإ الْمُخْطِئِينَ وَالأَقْوَالِ السَّاقِطَةِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ .. رَأَينَا الْكَشْفَ عَنْ فَسَادِ قَوْلهِ وَرَدَّ مَقَالتِهِ بِقَدْرِ مَا يَلِيقُ بِهَا مِنَ الرَّدِّ أَجْدَى عَلَى الأَنَامِ،

ــ

خمولًا: خَفِيَ، وأَخْمَلَهُ اللهُ تعالى فهو خاملٌ: ساقِطٌ لا نَبَاهَة له، وهو من باب نَصَرَ كما صَرَّحَ به أئمةُ اللغة خلافًا لما نقله جماعةٌ من أئمة اللغة الأندلسيين أنَّه يقال: خَمُلَ خَمَالةً ككَرُمَ كَرَامةً. أفادَه شارح "القاموس" (١).

ويقال: هو أَجْدَرُ بكذا؛ أي: أَحَقُّ به وجَدِيرٌ به؛ أي: خَلِيقٌ به.

وقولُه: (غيرَ أنّا) استدراكٌ، على قوله: (لكان رَأْيًا مَتِينًا ومَذْهَبًا صحيحًا) أي: لكنْ أنا (لمَّا تَخَوَّفْنا) وخشينا (من شُرُورِ العَوَاقِبِ) أي: من ضَرَرِ عاقبةِ ذلك القولِ المَطَّرَحِ على غَالبِ الناسِ وفتنتِهم به ومَيلِهم إليه (و) من (اغْتِرَارِ الجَهَلةِ) وانخداع العوامّ (بمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ) ومُخْتَرَعَاتِهَا ومُبْتَدَعَاتِها (و) من (إسْرَاعِهم) أي: ومن إسراع الجَهَلَةِ ومبادرتهم (إلى اعتقادِ) حقية (خَطَإ المُخطئين) وانحرافِ المنحرفين عن الصواب (و) إلى اعتقادِ أرجحية (الأقوالِ الساقطةِ) والآراءِ الضعيفةِ المتروكةِ (عندَ العُلماءِ) الراسخين والجماهيرِ المحققين والحُفَّاظ المشهورين.

و(لمَّا) هنا: حرفُ شرطٍ غيرُ جازمٍ كَـ (لَوْ)، وقولُه: (تَخَوَّفْنَا) فعلُ شرطٍ لها، وقولُه: (رَأَينا .. ) إلخ جوابُ الشَّرْطِ لها.

أي: رَأَينا (الكَشْفَ) والبيانَ (عن فَسَادِ قولِه) أي: عن خطإ قول ذلك المنتحل، وفسادِ زعمِه، وقولُه: (الكَشْفَ) مفعولٌ أولُ لـ (رأينا)، وقولُه: (ورَدَّ مَقَالتِهِ) بالنصبِ معطوفٌ على (الكَشْفَ) أي: رَأَينَا الكَشْفَ وَرَدَّ مقالتِه الساقطةِ؛ أي: وَرَدَّ مقالةِ ذلك المنتحل وإنكارَها (بقَدْرِ ما يَلِيقُ) ويُنَاسِبُ (بها) أي: بتلك المقالة (من الرَّدِّ) والإنكار، وهو بيانٌ لما الموصولةِ في قوله: (بقَدْرِ ما يَلِيقُ).

وقولُه: (أَجْدَى) وأَنفَعُ: مفعولٌ ثانٍ لِـ (رَأَينا)، وكلمةُ (على) في قوله: (على الأنام) بمعنى اللام؛ أي: رأينا الكَشْفَ والبيانَ عن فسادِ قولهِ، ورأينا رَدَّ مقالتِه بقَدْرِ ما يَلِيقُ بها أَنْفَعَ وَأَفْيَدَ للعوامِّ والجُهَّالِ الذين هُمْ كالأنعام والبهائمِ في عدم


(١) "تاج العروس" (٧/ ٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>