وسلم أي خصهم (يومئذ) أي يوم إذ غزا حنينًا (في القسمة) والعطاء معطوف على آثر الأول على سبيل التوكيد اللفظي (فقال رجل) من الحاضرين وهو معتب بن قشير من بني عمرو بن عوف.
قال الحافظ: في رواية الأعمش عند البخاري: فقال رجل من الأنصار وفي رواية الواقدي: إنه معتب بن قشير من بني عمرو بن عوف وكان من المنافقين وفيه تعقب على مغلطاي حيث قال: لم أر أحدًا قال: إنه من الأنصار إلا ما وقع هنا وجزم بأنه حرقوص بن زهير السعدي وتبعه ابن الملقن وأخطأ في ذلك فإن قصة حرقوص غير هذه كما سيأتي قريبًا من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(والله إن هذه) القسمة (لقسمة ما عدل) وأنصف (فيها وما أريد فيها وجه الله) ورضاه والإخلاص له.
قال القاضي عياض رحمه الله: حكم الشرع أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم كفر وقتل ولم يذكر في هذا الحديث أن هذا الرجل قتل.
قال المازري: يحتمل أن يكون لم يفهم منه الطعن في النبوة وإنما نسبه إلى ترك العدل في القسمة والمعاصي ضربان: كبائر وصغائر فهو صلى الله عليه وسلم معصوم من الكبائر بالإجماع واختلفوا في إمكان وقوع الصغائر ومن جوزها منع من إضافتها إلى الأنبياء على طريق التنقيص وحينئذ فلعله صلى الله عليه وسلم لم يعاقب هذا القائل لأنه لم يثبت عليه ذلك وإنما نقله عنه واحد وشهادة الواحد لا يراق بها الدم.
وقال القاضي هذا التأويل باطل يدفعه قوله:(اعدل يا محمد) وخاطبه خطاب المواجهة بحضرة الملإ حتى أستأذن عمر وخالد النبي صلى الله عليه وسلم في قتله فقال: معاذ الله أن يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه فهذه هي العلة وسلك معه مسلكه مع غيره من المنافقين الذين آذوه وسمع منهم في غير موطن ما كرهه لكنه صبر استبقاءً لانقيادهم وتأليفًا لغيرهم لئلا يتحدث الناس أنه يقتل أصحابه فينفروا وقد رأى الناس هذا في جماعتهم وعدوه من جملتهم اهـ.