والحكم للظاهر فلو قتلهم بعلمه بما أسروه من النفاق لوجد المنفر عن الدخول في الإسلام ما يقول وارتاب الشارد وأرجف المعاند وارتاع عن الدخول في الإسلام غير واحد ولذا كان يقول صلى الله عليه وسلم (لئلا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه) فينفر عن الإسلام وقد قال ابن المواز وابن القصار لو أظهروا النفاق لقتلهم اهـ من فتح الملهم.
(إن هذا) القائل (وأصحابه) الذين استنوا بسنته من النفاق (يقروون القرآن) بألسنتهم حالة كون القرآن (لا يجاوز) ولا يتعدى (حناجرهم) أي حلاقيمهم والحناجر كما في قوله تعالى: {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} جمع حنجرة وهي رأس الغلصمة حيث تراه ناتئًا من خارج الحلق كما في النهاية.
وفي رواية:(حلوقهم وتراقيهم) يعني لا يكون لهم إلا القراءة المجردة ولا تصل معانيه إلى قلوبهم.
وقال القاضي: فيه تأويلان: أحدهما: معناه لا تفقهه قلوبهم ولا ينتفعون بما تلوا منه ولا لهم حظ سوى تلاوة الفم والحنجرة والحلق إذ بهما تقطيع الحروف والثاني: معناه لا يصعد لهم عمل ولا تلاوة ولا يتقبل اهـ.
(يمرقون منه) أي يخرجون من القرآن وسبيله ويتعدون حدوده ولا يعملون به.
قال ابن بطال: المروق الخروج عند أهل اللغة يقال: مرق السهم من الغرض إذا أصابه ثم نفذ منه فهو يمرق منه مرقًا ومروقًا وانمرق منه وأمرقه الرامي إذا فعل ذلك به ومنه قيل: مرق البرق لخروجه بسرعة اهـ.
(كما يمرق) ويخرج (السهم من الرمية) أي من الصيد المرمي أي يمرقون منه مروقًا كمروق السهم من الرمية كما هو الرواية الآتية أي كما يخرج السهم من الدابة المرمية خارقًا لها والرمية بفتح الراء وكسر الميم وتشديد التحتانية هي الصيد المرمي وهي فعيلة بمعنى مفعولة فأدخلت فيها الهاء وإن كان فعيل بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث للإشارة إلى نقلها من الوصفية إلى الاسمية وقيل: إن شرط استواء المذكر والمؤنث فيه أن يكون الموصوف مذكورًا معه وقيل شرطه سقوط الهاء من المؤنث قبل وقوع الوصف