(فقال رجل من أصحابه) صلى الله عليه وسلم قال الحافظ: لم أقف على اسمه: (كنا نحن أحق بهذا) العطاء (من هولاء) الصناديد كأنه يعرض بالعدول عن الأحق إلى غيره ويريد بإضافة عدم العدل إليه صلى الله عليه وسلم أنه إنما وقع على وجه الغلط في الرأي وأمور الدنيا والاجتهاد فيها بمصالح أهلها وأنه من الأمر الذي يجوز له الصفح عنه لا أنه أضاف إليه عدم العدل في القسم على وجه التهمة له كذا قال الأبي.
(قلت): يكلم الإنسان بكلمة ويكلم الآخر بمثلها أو بما يقاربها ومع ذلك يختلف مرادهما باختلاف الاعتقاد والنية واللهجة وخصوصيات الأحوال فيخرج كلاهما على محملين متباعدين لما يعلم من تباين أحوالهما من خارج وهذا كما قال أهل البلاغة في قولهم: أنبت الربيع البقل: إنه مجاز إذا صدر من موحد وحقيقة إذا صدر من دهري والله أعلم.
(قال) أبو سعيد (فبلغ ذلك) القول (النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألا تأمنوني) في قسمي (وأنا أمين من في السماء) سبحانه وتعالى وكونه تعالى في السماء صفة أثبتها الرسول صلى الله عليه وسلم له، نثبتها ونعتقدها ولا نكيفها ولا نمثلها هذا هو المذهب الأسلم الذي عليه السلف الصالح (يأتيني خبر السماء صباحًا ومساءً) وفعلي كله بأمر من السماء لا من عند نفسي.
(قال) أبو سعيد: (فقام رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناشز الجبهة) أي مرتفعها (كث اللحية محلوق الرأس مشمر الإزار) أي ملففه (فقال: يا رسول الله اتق الله فقال: وبلك أ) تقول ذلك (ولست أحق أهل الأرض) بـ (ـأن يتقي الله) سبحانه وتعالى (قال) أبو سعيد: (ثم ولى الرجل) أي ذهب وأدبر هذا الرجل الثاني (فقال خالد بن الوليد: يا رسول الله ألا أضرب عنقه فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا) تضربه (لعله) أي