أنِّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَيهَا فَقَال:"هَلْ مِنْ طَعَامٍ؟ " قَالتْ: لَا. وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ! مَا عِنْدَنَا طَعَامٌ إلا عَظْمٌ مِنْ شَاةٍ أُعْطِيَتْهُ مَوْلاتِي مِنَ الصِّدَقَةِ. فَقَال:"قَرِّبِيهِ. فَقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا"
ــ
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها فقال) لها: (هل) عندكم (من طعام قالت: لا) أي ما عندنا طعام (والله يا رسول الله ما عندنا طعام) يؤكل (إلا عظم من شاة أعطيته) بالبناء للمجهول أي أُعطيت (مولاتي) ذلك العظم أو ما ذكرت من الشاة (من الصدقة) ولم أر من ذكر اسم مولاتها وفيه جواز الصدقة لموالي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأما أزواجه صلى الله عليه وسلم فقد نقل ابن بطال أنهن لا يدخلن في ذلك أي في عدم حل الصدقة باتفاق الفقهاء وفيه نظر فقد ذكر ابن قدامة أن الخلال أخرج من طريق ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة وهذا يدل على تحريمها.
(قلت): وإسناده إلى عائشة حسن وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا وهذا لا يقدح فيما نقله ابن بطال كذا في الفتح اهـ.
(فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لجويرية: (قربيه) أي قربي ذلك العظم إليَّ لآكلها (فقد بلغت) الصدقة (محلها) أي إلى موضعها الذي تحل فيه وهو مولاتها فزال عنها حكم الصدقة يوضحه قوله صلى الله عليه وسلم (هو لها صدقة ولنا هدية) كما يأتي بيانه قال ابن الملك: إنما قال (قربيه) ولم يستأذن مولاتها لعلمه أن قلبها يطيب بأكله اهـ.
أو تكون المولاة قد أهدت ذلك لجويرية كما جاء في حديث بريرة الآتي بعد هذا اهـ من المفهم.
قال الحافظ في حديث أم عطية من باب الزكاة: أي إنها لما تصرفت فيها بالهدية لصحة ملكها لها انتقلت عن حكم الصدقة فحلت محل الهدية وكانت تحل لرسول الله بخلاف الصدقة وهذا تقرير ابن بطال بعد أن ضبط محلها بفتح الحاء وضبطه بعضهم بكسرها من الحلول أي بلغت مستقرها والأول أولى ثم قال في باب الهبة: محلها بكسر المهملة يقع على الزمان والمكان أي زال عنها حكم الصدقة المحرمة علي وصارت لي حلالًا وفي الحديث أن الصدقة يجوز فيها تصرف الفقير الذي أعطيها بالبيع والهدية وغير ذلك.