قول هذا القول واختراعِه (ولا مُسَاعِدَ) أي: لا معضِّدَ ولا مُعِينَ ولا مُوَافِقَ (له) أي: لصاحب هذا القول أحَدٌ (مِنْ أهل العِلْمِ) والحديثِ الراسخين فيه (عليه) أي: على صِحَّةِ هذا القول الَّذي اخْتَرَعَهُ من اشتراط الشروط المذكورة في الأسانيدِ المعنعنة.
(وذلك) أي: ودليلُ ذلك الَّذي قُلْنا مِنْ أَنَّ هذا القولَ الَّذي يَشْتَرِطُ الشُّروطَ المذكورةَ في الأسانيد المعنعنة قولٌ مختَرعٌ مستحدَثٌ، وهو مبتدأٌ، خبرُه جملةُ أن في قوله:(أن القولَ الشائعَ) المستفيضَ بين الناس (المُتَّفَقَ عليه) أي: على صحته (بينَ أهلِ العلم) والمعرفةِ (بالأَخْبَارِ) والأحاديثِ أي: بأسبابها وصحتها وضعفها من حيثُ المتونُ (و) أهلِ العلمِ بـ (الرِّواياتِ) الصحيحة والضعيفة من حيثُ الأسانيدُ.
وقولُه:(قديمًا وحديثًا) منصوبان بنَزْعِ الخافضِ المتعلِّق بالمُتَّفَقِ عليه؛ أي: أن القولَ المُتَّفَقَ عليه بينهم في الزمنِ القديم والزمن الحديثِ؛ أي: الأخيرِ.
وجملةُ أن في قوله:(أَنَّ كُل رجلٍ ثِقَةٍ) خبرٌ لأن الأُولى، أعني قوله:(أن القولَ الشائعَ)، و (كُلَّ رجلٍ) اسمُ أن هذه؛ أي: أن كُلَّ راوٍ رجلًا كان أو امرأةً (ثقةٍ) صفةٌ لرجلٍ؛ أي: أن كُل راوٍ موثوقٍ به مأمونٍ (رَوَى) وحَدَّثَ بالعنعنة (عن) راوٍ (مِثْلِهِ) أي؛ مُمَاثِلٍ له في الموثوقية، وعدمِ التدليسِ (حديثًا) مفعول (رَوَى) أي: رَوَى عنه بالعنعنة حديثًا قلَّ أو كَثُرَ.
(وجائزٌ مُمْكِنٌ) أي: والحالُ أنَّه جائزٌ مُمْكِنٌ؛ أي: مُحْتَمِلٌ، فمُمْكِنٌ: عطفُ بيانٍ لجائزٌ (له) أي: لذلك الرجل الراوي (لقاوه) أي: لقاءُ مثلِه الَّذي رَوَى عنه؛ أي: وجائزٌ مُمْكِنٌ تلاقيهما (والسَّمَاعُ) أي: سماعُ الرجل الراوي الحديثَ (منه) أي: من مثله الَّذي رَوَى عنه (لِكَوْنِهِما) أي: لكَوْنِ كُلِّ من الراوي والمَرْويِّ عنه، فهو تعليل لإمكان اللقاء والسماع منه حالة كونهما (جميعًا) أي: مجتمعَينِ (كانا) أي: الراوي والمَرْويُّ عنه (في عصرٍ) وقَرْنٍ ووقتٍ (واحدٍ) أي: متَّحِدٍ.
و(إِنْ) في قوله: (وإنْ لم يَأْتِ) غائيةٌ بمعنى لَوْ، لا جوابَ لها على الأصحِّ،