قال القاري:(فتحت) بالتخفيف وهو أكثر كما في التنزيل وبالتشديد لتكثير المفعول فتحت أبواب الجنّة أي تقريبًا للرحمة إلى العباد وهذا يدل على أن أبواب الجنّة كانت مغلقة ولا ينافيه قوله تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} إذ ذلك لا يقتضي دوام كونها مفتحة لهم الأبواب اهـ.
قوله:(وغلقت أبواب النار) قال القاري: غلِّقت بالتشديد أكثر قال السندي: غلِّقت أي تبعيدًا للعقاب عن العباد وهذا يقتضي أن أبواب النار كانت مفتوحة ولا ينافيه قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} لجواز أن هناك غلقًا قبيل ذلك وغلق أبواب النار لا ينافي موت الكفرة في رمضان وتعذيبهم بالنار فيه إذ يكفي في عذابهم فتح باب صغير من القبر إلى النار غير الأبواب المعهودة الكبار اهـ.
(وصفِّدت الشياطين) بالمهملة المضمومة بعدها فاء مشددة مكسورة أي شدت بالأصفاد وهي الأغلال وهي الآلة التي تعقل بها اليدان والرجلان وهو بمعنى (سلسلت) في الرواية الأخرى.
وفي الفتح: قال عياض: يحتمل أن الحديث على ظاهره وحقيقته وأن ذلك كله علامة لدخول الشهر وتعظيم حرمته ولمنع الشياطين من أذى المؤمنين ويحتمل أن يكون إشارةَ إلى كثرة الثواب والعفو وأن الشياطين يقل إغواؤهم فيصيرون كالمصفدين قال: ويؤيد هذا الاحتمال الثاني قوله في رواية يونس عن الزهري عند مسلم (فتحت أبواب الرحمة) قال: ويحتمل أن يكون فتح أبواب الجنّة عبارة عما يفتحه الله لعباده من الطاعات وذلك أسباب لدخول الجنّة وغلق أبواب النار عبارة عن صرف الهمم عن المعاصي الآئلة بأصحابها إلى النار وتصفيد الشياطين عبارة عن تعجيزهم عن الإغواء وتزيين الشهوات قال الزين ابن المنير: والأول أوجه ولا ضرورة إلى صرف اللفظ عن ظاهره اهـ فتح الملهم.
قال القرطبي: قوله: (فتحت أبواب الجنّة) الخ بتخفيف التاء وتشديدها يصح حمل هذا الحديث على الحقيقة ويكون معناه أن الجنّة قد فتحت وزخرفت لمن مات في شهر رمضان لفضيلة هذه العبادة الواقعة فيه وغلقت عنهم أبواب النار فلا يدخلها منهم أحد مات فيه وصفدت الشياطين أي غلت وقيدت والصفد الغل وذلك لئلا تفسد الشياطين