على الصائمين فإن قيل: فنرى الشرور والمعاصي تقع في رمضان كثيرًا فلو كانت الشياطين مصفدة لما وقع شر فالجواب من أوجه أحدها: إنما تغل عن الصائمين الصوم الَّذي حوفظ على شروطه وروعيت آدابه أما من لم يحافظ عليه فلا يغل عن فاعله الشيطان والثاني: أنَّا لو سلَّمنا أنها صُفِّدَت عن كل صائم لكن لا يلزم من تصفيد جميع الشياطين أن لا يقع شر لأن لوقوع الشر أسبابًا أخر غير الشياطين وهي النفوس الخبيثة والعادات الركيكة والشياطين الإنسية والثالث: أن يكون هذا الإخبار عن غالب الشياطين والمردة منهم وأن من ليس من المردة فقد لا يصفد والمقصود تقليل الشرور وهذا موجود في شهر رمضان لأن وقوع الشرور والفواحش فيها قليل بالنسبة إلى غيره من الشهور وقِيل: إن فتح أبواب الجنّة وإغلاق أبواب النار علامة على دخول هذا الشهر العظيم للملائكة وأهل الجنّة حتَّى يستشعروا عظمة هذا الشهر وجلالته ويحتمل أن يقال: إن هذه الأبواب المفتحة في هذا الشهر هي ما شرع الله فيه من العبادات والأذكار والصلوات والتلاوة إذ هي كلها تؤدي إلى فتح أبواب الجنّة للعاملين فيه وغلق أبواب النار عنهم وتصفيد الشياطين عبارة عن كسر شهوات النفوس التي بسببها تتوصل الشياطين إلى الإغواء والإضلال ويشهد لهذا (الصوم جُنَّة) رواه أحمد والنسائي وابن خزيمة وابن حبان من حديث عثمان بن أبي العاص وقوله: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع والعطش اهـ من المفهم.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد (٢/ ٣٥٧) والبخاري (١٨٩٨).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
(٢٣٧٧). (٠)(٠)(وحدثني حرملة بن يحيى أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن ابن أبي أنس) هو أبو سهيل المذكور في السند الأول نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي المدني شيخ إسماعيل بن جعفر وهو من صغار شيوخ الزهري بحيث أدركه تلامذة الزهري وهو أصغر منهم كإسماعيل بن جعفر وهذا الإسناد يعد من رواية الأقران وقد تأخر أبو سهيل في الوفاة عن الزهري (أن أباه) أي أن أبا ابن أبي أنس وهو مالك بن أبي عامر (حدَّثه).