الواحد الثقة حُجَّةٌ يَلْزَمُ العملُ به كما هو مذهبُ جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين فمن بعدهم؛ أي: أنتَ أقرَرْتَ ذلك في غير هذا المقام كما أَقَرَّ به جماهيرُ المسلمين.
(ثُمَّ أَدْخَلْتَ) أنتَ أيها المخترعُ (فيه) أي: في كونِ خبر الواحدِ الثقةِ حُجَّةً (الشَّرْط) المذكورَ لك من اشتراط اجتماعهما وتلاقيهما وتشافُهِهما بالحديثِ بينهما (بَعْدُ) أي: بَعْدَ ما أقررت أولًا كونَه حُجَّةً مطلقًا كما أقرَّ به الجماهيرُ.
وقوله:(فقُلْتَ) في إدخالِ الشرط: معطوفٌ على قوله: (ثُمَّ أَدْخَلْتَ) وتفسيرٌ له؛ أي: فقُلْتَ: لا يكون خبرُ الواحدِ الثقةِ عن الواحد الثقة حُجَّةً (حتَّى نَعْلَمَ) نحن (أنهما) أي: أن الراويَ والمَرْويَّ عنه (قد كانا الْتَقَيَا) واجْتَمَعَا (مَرَّةَ) واحدةً من دهرهما (فصَاعِدًا) أي: فما فوقها من المرَّات؛ أي: فازداد عددُ التقائهما على مَرَّةٍ واحدةٍ حالة كونه صاعدًا وعاليًا.
والمعنى: لا يكون خبرُ الواحد حُجَّةً حتَّى نعلم تلاقيهما مَرَّةً واحدةً فأكثرَ (أو) حتَّى نعلمَ بروايةٍ صحيحةٍ أن الراويَ (سَمعَ منه) أي: من المَرْويِّ عنه (شيئًا) من الحديث قَلَّ أو كثر.
(فهل تَجِدُ) أي: فهل وجدتَ أيها المخترع (هذا الشَّرْطَ الَّذي اشْتَرَطْتَهُ) وأوجبته في قبولِ خبر الواحدِ الَّذي هو شرط التلاقي والتشافه؟ أي: هل وجدتَ ورأيتَ هذا الشرط منقولًا (عن أحدٍ) من العلماء (يَلْزَمُ) ويثبتُ (قولُه) ويقبل وَيصِح الاحتجاج به؟ (وإلَّا) أي: وإن لِم تَجِدْه منقولًا عن أحدِ من العلماء المقبولينَ ( .. فهَلُمَّ) لنا؛ أي: هَاتِ لنا (دليلًا) تسْتَدِلُّ به (على ما زعمت) وقلت واخترعْتَ من اشتراط هذا الشرطِ في قبولِ خبرِ الواحد الثقة.
وفي "المختار": (هَلُمَّ يا رجلُ بفتح الميم بمعنىً، يَسْتَوي فيه الواحد والجمع والمؤنث في لغة أهل الحجاز قال تعالى:{وَالْقَائِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَينَا}. وأهْل نجدٍ