أنَّه اعتزلهن في أول ليلة من ذلك الشهر وأن ذلك الشهر كان تسعًا وعشرين ويشهد له قوله إن الشهر تسع وعشرون أي هذا الشهر لأنه هو المتكلم فيه ويحتمل أن يكون اعتبر أول زمان اعتزاله بالأيام وكمل تسعًا وعشرين بالعدد واكتفى بأقل ما ينطلق عليه اسم الشهر وعليه يخرج الخلاف فيمن نذر صوم شهر غير معين فصامه بالعدد فهل يصوم ثلاثين أو يكفيه تسع وعشرون كما تقدم وإخبار عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم بعد تلك الليالي يفهم منه أنها اعتبرت ذلك الشهر بالعدد واعتناؤها بعدد الأيام استطالة لزمان الهجر وذلك يدل على فرط محبتها وشدة شوقها للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان عندها من ذلك ما لم يكن عند غيرها وبذلك استوجبت أن تكون أحب نساء النبي صلى الله عليه وسلم إليه كما قد صرح به صلى الله عليه وسلم حيث قيل له: من أحب الناس إليك؟ فقال: عائشة رواه الترمذي من حديث عمرو بن العاص (٣٨٧٩) اهـ من المفهم.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عائشة بحديث جابر رضي الله عنهما فقال:
(٢٤٠٢)(١٠٥٠)(٢٠٠)(حَدَّثَنَا محمد بن رمح) بن المهاجر المصري (أخبرنا الليث) بن سعد المصري (ح وحدثنا قتيبة بن سعيد) البلخي (واللفظ له حَدَّثَنَا ليث عن أبي الزبير) المكي محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي (عن جابر) بن عبد الله الأنصاري (رضي الله عنه).
وهذا السند من رباعياته رجاله اثنان منهم مصريان وواحد مدني وواحد مكي.
(أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتزل نساءه) أي ابتعد وانفرد عنهن في غرفة مستقلة (شهرًا) كاملًا قال جابر: (فخرج إلينا) رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرفته التي انفرد بها (في) تمام (تسع وعشرين) ليلة قال جابر: (فقلنا) له: (أنما اليوم تسع وعشرون) أي إنما هذا اليوم يوم تسع وعشرين فلم يكمل الشهر الَّذي أقسمت عليه (فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الشهر) مبتدأ خبره محذوف لدلالة السياق