للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال لَهُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنِّي أَجْعَلُ تَحْتَ وسَادَتِي عِقَالينِ: عِقَالًا أَبْيَضَ وَعِقَالًا أَسْوَدَ. أَعْرِفُ اللَّيلَ مِنَ النَّهَارِ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ وسَادَتَكَ لَعَرِيضٌ

ــ

(قال له) صلى الله عليه وسلم (عدي بن حاتم: يا رسول الله إني أجعل تحت وسادتي) الوسادة المخدة وهي ما يجعل تحت الرأس عند النوم سميت مخدة لوضع الخد عليها عند النوم والوساد أعم فإنه يطلق على كل ما يتوسد به ولو كان من تراب كما في الأساس (عقالين) العقال بكسر العين المهملة الحبل وفي رواية مجالد (فأخذت خيطين من شعر) وقوله: (عقالًا أبيض وعقالًا أسود) بدل من عقالين لـ (ـأعرف) بهما (الليل من النهار) وفي صحيح البخاري (فجعلت أنظر في الليل فلا يستبين لي) وفي رواية مجالد (فلا يستبين الأبيض من الأسود) (فقال) لي (رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن وسادتك لعريض) أي لواسع العرض ولم يقل: عريضة لأن فعيلًا يستوي فيه المذكر والمؤنث قال ابن الملك: وهو كناية عن كون قفاه عريضًا وهو كناية عن كونه أبله اهـ.

ومثله في الأساس والنهاية وفي بعض الروايات (فضحك وقال إن كان وسادك إذًا لعريضًا) وفي بعضها زيادة (إن كان الخيط الأبيض والأسود تحت وسادتك) وفي بعضها (إنك لعريض القفا). قال الخطابي في المعالم: في قوله (إن وسادك لعريض) قولان: أحدهما: يريد إن نومك لكئير وكنى بالوسادة عن النوم لأن النائم يتوسد أو أراد إن ليلك لطويل إذا كنت لا تمسك عن الأكل حتَّى يتبين لك العقال والقول الآخر: أنَّه كنى بالوسادة عن الموضع الَّذي يضعه من رأسه وعنقه على الوسادة إذا نام والعرب تقول: فلان عريض القفا إذا كان فيه غباوة وغفلة وقد روي في هذا الحديث من طريق أخرى (إنك عريض القفا) وجزم الزمخشري بالتأويل الثاني فقال إنما عرَّض النبي صلى الله عليه وسلم قفا عدي لأنه غفل عن البيان وعرض القفا مما يستدل به على قلة الفطنة وأنشدوا في ذلك شعرًا وقد أنكر ذلك كثير منهم القرطبي فقال: حمله بعض الناس على الذم له على ذلك الفهم وكأنهم فهموا أنَّه نسبه إلى الجهل والجفاء وعدم الفقه وعضَّدوا ذلك بقوله (إنك عريض القفا) وليس الأمر على ما قالوه لأن من حمل اللفظ على حقيقته اللسانية التي هي الأصل إن لم يتبين له دليل التجوز لم يستحق ذمًّا ولا ينسب إلى جهل وإنما عنى - والله أعلم - أن وسادك إن كان يغطي الخيطين اللذين أراد الله فهو إذًا عريض

<<  <  ج: ص:  >  >>