للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِنَّمَا هُوَ سَوَادُ اللَّيلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ"

ــ

واسع ولهذا قال في إثر ذلك (إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار) فكأنه قال: فكيف يدخلان تحت وسادتك وقوله: (لعريض القفا) أي إن الوساد الَّذي يغطي الليل والنهار لا يرقد عليه إلَّا قفا عريض للمناسبة وقال ابن التين: في حديث عدي جواز التوبيخ بالكلام النادر الَّذي يسير فيصير مثلًا بشرط صحة القصد ووجود الشرط عند أمن الغلو في ذلك فإنه مزلة القدم إلَّا لمن عصمه الله تعالى اهـ فتح الملهم.

(إنما هو) أي الخيط المذكور في الآية (سواد الليل وبياض النهار) قال الطحاوي: كان هذا الفعل منه قبل نزول قوله: {مِنَ الْفَجْر} [البقرة: ١٨٧] وروى أنَّه كان بينهما عام والفجر مأخوذ من تفجر الماء لأنه يتفجر شيئًا فشيئًا فلما نزل علم أن المراد منه بياض النهار وفيه ضعف لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة غير جائز وإلا لزم التكليف بما ليس في الوسع لأن الأمر لو كان كما قاله لما نسب النبي صلى الله عليه وسلم الراوي إلى البلاهة بل الوجه أن يقال: ذلك الفعل صدر منه لغفلته عن البيان اهـ من المبارق.

لكن الطحاوي لم يقله من عنده بل وجد في الروايات ما هو دليل له على قوله كما تراه اهـ.

ومعنى الآية حتَّى يظهر بياض النهار من سواد الليل وهذا البيان يحصل بطلوع الفجر الصادق ففيه دلالة على أن ما بعد الفجر من النهار وقال أبو عبيد: المراد بالخيط الأسود الليل وبالخيط الأبيض الفجر الصادق والخيط اللون وقيل: المراد بالأبيض أول ما يبدو من الفجر المعترض في الأفق كالخيط الممدود وبالأسود ما يمتد منه من غبش الليل شبيهًا بالخيط قاله الزمخشري قال: وقوله: {مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧] من الفجر بيان للخيط الأبيض واكتفى عن بيان الخيط الأسود لأن بيان أحدهما بيان للآخر ويجوز أن تكون من للتبعيض لأنه بعض الفجر وقد أخرجه قوله من الفجر من الاستعارة إلى التشبيه كما أن قولهم: رأيت أسدًا مجاز فإذا زدت فيه من فلان رجع تشبيهًا اهـ فتح الملهم.

وقال القرطبي: حديث عدي هذا يقتضي أن قوله تعالى: {مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧] نزل متصلًا بقوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيطِ الْأَسْوَدِ} وأن عدي بن حاتم حمل الخيط على حقيقته ومن في قوله: {مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧] على التعليل أي من أجل الفجر ففعل ما فعل بالعقال الأبيض والأسود وهذا بخلاف حديث سهل بن سعد فإن فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>