قَال: وَلَمْ يَكُنْ بَينَهُمَا إلا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا
ــ
لابتداء طلوع الفجر وهو المراد بالبزوغ وعند أخذه في الأذان يعترض الفجر في الأفق ثم ظهر لي أنه لا يلزم من كون المراد بقولهم: أصبحت أي قاربت الصباح وقوع أذانه قبل الفجر لاحتمال أن يكون قولهم ذلك يقع في آخر جزء من الليل وأذانه يقع في أول جزء من طلوع الفجر وهذا وإن كان مستبعدًا في العادة فليس بمستبعد من مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤيد بالملائكة فلا يشاركه فيه من لم يكن بتلك الصفة وقد روى أبو قرة من وجه آخر عن ابن عمر حديثًا فيه (وكان ابن أم مكتوم يتوخى الفجر فلا يخطئه) اهـ.
قال القرطبي: قوله: (حتى يؤذن ابن أم مكتوم) أي حتى يشرع في الأذان وهذا ظاهره ويحتمل حتى يفرغ من الآذان ويؤيد هذا الاحتمال ما ذكره أبو داود من حديث أبي هريرة الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضى حاجته منه) وهذا هو أذان ابن أم مكتوم اهـ من المفهم.
(قال) ابن عمر: (ولم يكن بينهما) أي بين أذان بلال وبين أذان ابن أم مكتوم أي لم يكن بينهما من الزمان (إلا) قدر زمن (أن ينزل هذا) أي بلال من محل التأذين (ويرقى) فيه (هذا) أي ابن أم مكتوم لكن هذا لا يلائم الحديث فإنه لو كان كذلك لما يبقى للأكل والشرب والرفث زمان أو يلزم منه جواز الأكل والشرب والرفث بعد طلوع الفجر وأجاب عن هذا الإشكال النواوي بقوله: قال العلماء: معناه أن بلالًا كان يؤذن قبل الفجر ويتربص بعد أذانه للدعاء ونحوه ثم يرقب الفجر فإذا قارب طلوعه نزل فأخبر ابن أم مكتوم فيتأهب ابن أم مكتوم للطهارة وغيرها ثم يرقى ويشرع في الأذان مع أول طلوع الفجر اهـ.
وقوله:(يرقى) من الرقي ومنه قوله تعالى: {أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ} الآية ومعناه الصعود ومحل التأذين يسمى مئذنة ومنارة وأول من أحدثها بالمساجد سلمة بن خلف الصحابي وكان أميرًا على مصر في زمن معاوية وكان بلال يأتي بسحر لأطول بيت حول المسجد لامرأة من بني نجار يؤذن عليه ثم صار يؤذن على ظهر المسجد وقد رفع له شيء فوق ظهره كما في المنحة اهـ.
قوله:(ولم يكن بينهما) إلخ نبه الحافظ على أن قائله القاسم في حديث عائشة ولم تثبت هذه الزيادة في حديث ابن عمر: قال وفيه حجة لمن ذهب إلى أن الوقت الذي يقع