للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ. فَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. فَلَمَّا فُرِضَ شَهْرُ رَمَضَانَ قَال: "مَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ"

ــ

كأسًا دهاقًا، وابن عباس إنما وُلد قبل البعثة، وأما قول عمر رضي الله عنه نذرت في الجاهلية فمحتمل، وقد نبّه على ذلك العراقي في الكلام على المخضرمين من علوم الحديث كذا قال الحافظ في الفتح (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه) وفي رواية البخاري (يصومه في الجاهلية) أي قبل أن يهاجر إلى المدينة (فلما هاجر) رسول الله صلى الله عليه وسلم (إلى المدينة صامه وأمر) الناس (بصيامه فلما فرض شهر رمضان) فوّض الأمر في صومه إلى رأي المتطوع و (قال من شاء صامه ومن شاء تركه) أفادت هذه الرواية تعيين الوقت الذي وقع فيه الأمر بصيام عاشوراء وقد كان أول قدومه المدينة ولا شك أن قدومه المدينة كان في ربيع الأول فحينئذ كان الأمر بذلك في أول السنة الثانية وفي السنة الثانية فرض شهر رمضان في شعبان فعلى هذا لم يقع الأمر بصيام عاشوراء إلَّا في سنة واحدة ثم فُرِض الأمر في صومه إلى رأي المتطوع فعلى تقدير صحة قول من يدعي أنه قد كان فُرِض فقد نُسخ فرضه بهذه الأحاديث الصحيحة، ونقل عياض أن بعض السلف كان يرى بفاء فرضية عاشوراء لكن انقرض القائلون بذلك، ونقل ابن عبد البر الإجماع على أنه الآن ليس بفرض، والإجماع على أنه مستحب، وكان ابن عمر كره قصده بالصوم، ثم انقرض القول بذلك كذا في الفتح، قال القرطبي: قوله (باب صيام عاشوراء) عاشوراء وزنه فاعولاء والهمزة فيه للتأنيث وهو معدول عن عاشرة للمبالغة والتعظيم وهو في الأصل صفة لليلة العاشرة لأنه مأخوذ من العشر الذي هو اسم للعقد الأول واليوم مضاف إليها فإذا قلت يوم عاشوراء كأنك قلت يوم الليلة العاشرة إلَّا أنهم لما عدلوا به عن الصفة غلبت عليه الاسمية فاستغنوا عن الموصوف فحذفوا الليلة وعلى هذا فيوم عاشوراء هو العاشر قاله الخليل وغيره، وقيل هو التاسع كما قاله ابن عباس فيما سيأتي، وسُمي عاشوراء على عادة العرب في الإظماء وذلك أنهم إذا وردوا الماء لتسعة سموه عشرًا وذلك يحسبون في الإظماء يوم الورود، فإذا أقامت الإبل في الرعي يومين ثم وردت في الثالث قالوا وردت أربعًا، وإذا وردت في الرابع قالوا وردت خمسًا لأنهم حسبوا في كل هذا بقية اليوم الذي وردت فيه قبل الرعي وأول اليوم الذي ترد فيه بعده، وهذا فيه بعد إذ لا يمكن أن يعتبر في عدد ليالي العشر وأيامه ما يعتبر في الإظماء فتأمله، وعلى القول الأول سعيد والحسن ومالك وجماعة من السلف، وذهب قوم إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>