أنه التاسع وبه قال الشافعي متمسكًا بما ذكر في الإظماء وبحديث ابن عباس الآتي إن شاء الله تعالى وذهب جماعة من السلف إلى الجمع بين صيام التاسع والعاشر وبه قال الشافعي في قوله الآخر وأحمد وإسحاق وهو قول من أشكل عليه التعيين فجمع بين الأمرين احتياطًا اهـ من المفهم.
وقول عائشة رضي الله تعالى عنها (كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية) يدل على أن صوم هذا اليوم كان عندهم معلوم المشروعية والقدر، ولعلهم كانوا يستندون في صومه إلى أنه من شريعة إبراهيم وإسماعيل صلوات الله وسلامه عليهما فإنهم كانوا ينتسبون إليهما ويستندون في كثير من أحكام الحج وغيره إليهما، وصوم رسول الله صلى الله عليه وسلم له يحتمل أن يكون بحكم الموافقة لهم عليه كما وافقهم على أن حج معهم على ما كانوا يحجون أعني حجته الأولى التي حجها قبل هجرته وقبل فرض الحج إذ كل ذلك فعل خير، ويمكن أن يقال أذن الله تعالى له في صيامه فلما قدم المدينة وجد اليهود يصومونه فسألهم عن الحامل لهم على صومه فقالوا ما ذكره ابن عباس: أنه يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرًا فنحن نصومه فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"فنحن أحق وأولى بموسى منكم" فحينئذ صامه بالمدينة وأمر بصيامه أي أوجب صيامه وأكد أمره حتى كانوا يصوّمون الصغار فالتزمه صلى الله عليه وسلم وألزمه أصحابه إلى أن فرض شهر رمضان، ونُسخ وجوب صوم يوم عاشوراء فقال إذ ذاك: إن الله لم يكتب عليكم صيام هذا اليوم ثم خَيَّرَ في صومه وفطره وأبقى عليه الفضيلة بقوله (وأنا صائم) كما جاء في حديث معاوية، وعلى هذا فلم يصم النبي صلى الله عليه وسلم عاشوراء اقتداءً باليهود فإنه كان يصومه قبل قدومه عليهم وقبل علمه بحالهم لكن الذي حدث له عند ذلك إلزامه والتزامه ائتلافًا لليهود واستدراجًا لهم كما كانت الحكمة في استقباله قبلتهم وكان هذا الوقت هو الوقت الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب فيه موافقة أهل الكتاب فيما لم ينه عنه. وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث أحمد [٦/ ١٦٢]، والبخاري [٣٨٣١]، والترمذي [٧٥٣].
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها فقال: