للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَكُنَّا، بَعْدَ ذلِكَ، نَصُومُهُ. وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ مِنْهُمْ، إِنْ شَاءَ اللهُ. وَنَذْهَبُ إِلَى الْمَسْجِدِ. فَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ. فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ، أعْطَينَاهَا إِيَّاهُ عِنْدَ الإِفْطَارِ،

ــ

أن يفعل فيه هكذا من الإفشاء والأمر به وبيان أحكامه والإبلاغ لمن بعد وشدة التهمم، ولما فهمت الصحابة هذا التزموه وحملوا عليه صغارهم الذين ليسوا بمخاطبين بشيء من التكاليف تدريبًا وتمرينًا ومبالغة في الامتثال والطواعية على أن جمهور من قال من العلماء: إن الصغار يؤمرون بالصلاة وهم أبناء سبع، ويضربون عليها وهم أبناء عشر، ذهبوا إلى أنهم لا يؤمرون بالصوم لمشقته عليهم بخلاف الصلاة، وقد شذ عروة فقال: إن من أطاق الصوم منهم وجب عليه، وهذا مخالف لما عليه جمهور المسلمين، ولقوله صلى الله عليه وسلم (رُفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ) رواه أبو داود والترمذي من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، ولقوله تعالى {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور / ٥٩] اهـ من المفهم (قالت) الرُبَيِّعُ (فكنا) معاشر الصحابة (بعد ذلك) اليوم الذي بعث فيه النبي صلى الله عليه وسلم إلى قرى الأنصار، وأمرنا فيه بصيامه (نصومه) أي نصوم عاشوراء معاشر المكلفين (ونصوم) -بتشديد الواو المكسورة- من التصويم أي نأمر (صبياننا) أي أولادنا (الصغار) الذين لم يبلغوا الحلم (منهم) بصيامه (إن شاء الله) تعالى (ونذهب) بهم من البيت (إلى المسجد) لئلا يتذكروا الطعام والشراب في البيت فيطلبوهما (فنجعل لهم) أي نهيِّئ لهم (اللعبة) -بضم اللام وسكون العين- ما يلعب به وهي التي يقال لها لعب البنات المصنوعة (من العهن) -بكسر العين المهملة وسكون الهاء- هو الصوف مطلقًا، وقيل الصوف المصبوغ (فإذا بكى أحدهم) حرصًا (على الطعام) وشوقًا إليه (أعطيناها) أي أعطينا اللعبة (اياه) أي أحدهم ونشغلهم بها حتى يكون (عند الإفطار) ويتم صومه. وشارك المؤلف في روايته أحمد [٦/ ٣٥٩ - ٣٦٠] والبخاري [١٩٦٠].

وفي الحديث مشروعية تمرين الصبيان على الطاعات وتعويدهم العبادات، وفي حديث رَزِينَة -بفتح الراء وكسر الزاي- عند ابن خزيمة بإسناد لا بأس به أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر برضعائه في عاشوراء ورضعاء فاطمة فيتفل في أفواههم ويأمر أمهاتهم أن لا يرضعن إلى الليل، وهو يرد على القرطبي حيث قال في حديث

<<  <  ج: ص:  >  >>