يكون جُنة بحسب مشروعيته أي ينبغي للصائم أن يعريه مما يفسده ومما ينقص ثوابه كمناقضات الصيام ومعاصي اللسان، وإلى هذه الأمور وقعت الإشارة بقوله (فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يسخب) الحديث، ويصح أن يسمى جنة بحسب فائدته وهو إضعاف شهوات النفس، وإليه الإشارة بقوله (ويذر شهوته وطعامه من أجلي) ويصح أن يكون جنة بحسب ثوابه، وإليه التصريح بقوله (من صام يومًا في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفًا).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه فقال:
٢٥٨٨ - (٠٠)(٠٠)(وحدثني محمد بن رافع) القشيري النيسابوري، ثقة، من (١١)(حدثنا عبد الرزاق) بن همام الصنعاني (أخبرنا ابن جريج) المكي (أخبرني عطاء) بن أبي رباح أسلم القرشي مولاهم أبو محمد اليماني المكي (عن أبي صالح) ذكوان (الزيات) المدني (أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه) وهذا السند من سداسياته رجاله اثنان منهم مدنيان واثنان مكيان وواحد صنعاني وواحد نيسابوري، غرضه بيان متابعة أبي صالح السمان لسعيد بن المسيب حالة كون أبي هريرة (يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عزَّ وجلَّ كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإِنه لي وأنا أجزي به) أي بعمله (والصيام جنة) بضم الجيم أي وقاية من الذنوب في الدنيا، ومن النار في الآخرة، زاد سعيد بن منصور عن مغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد (جنة من النار) وللنسائي من حديث عائشة مثله، ولأحمد من حديث أبي عبيدة بن الجراح (الصيام جنة) ما لم يخرقها زاد الدارمي بالغيبة، قال الحافظ: وفي زيادة أبي عبيدة بن الجراح إشارة إلى أن الغيبة تضر بالصوم، وقد حكي عن عائشة وبه قال الأوزاعي إن الغيبة تفطر الصائم وتوجب عليه قضاء ذلك اليوم، وأفرط ابن حزم فقال: مبطله كل معصية من متعمد لها ذاكر لصومه سواء كانت قولًا أو فعلًا لعموم قوله (فلا يرفث ولا يجهل) ولما