ورد في بعض الأحاديث:"من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"(فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث) أي لا يفحش في الكلام كالغيبة والنميمة والكذب (يومئذ) أي يوم إذْ كان صوم أحدكم (ولا يسخب) أي لا يصح هكذا هو هنا بالسين ويقال بالسين والصاد من السخب وهو الصياح (فإن سابه) أي شتمه (أحد أو قاتله) أي إن تهيأ أحد لمشاتمته أو مقاتلته، والمسابة والمقاتلة مما لا تكون إلا من اثنين غالبًا ولم تقع هنا إلا من أحدهما لكنه لما عرض أحدهما الآخر لذلك صدق اللفظ عليهما (فليقل) له بلسانه إني صائم ليكف خصمه عنه أو بقلبه ليكف هو عن خصمه، قال النواوي في المجموع: كل منهما حسن، والقول باللسان أقوى، ولو جمعهما لكان حسنًا، واختلف فيما إذا سب الصائم أحدًا أو اغتابه هل يفسد صومه؟ فالجمهور على أن ذلك ليس بمفسد للصوم، وذهب الأوزاعي إلى أن ذلك مفطر مفسد وبه قال الحسن فيما أحسب (إني امرؤ صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم) أي لرائحة فمه المتغيرة، واللام ابتدائية مؤكدة (أطيب عند الله) تعالى (يوم القيامة) أي أكثر أجرًا عند الله يوم القيامة (من ريح) أي من رائحة (المسك) الذي تطيب به في الأوقات التي يندب التطيب به فيه كالجمع والأعياد ومجامع الخير كلها، وقيل هو كناية عن تقريب الله تعالى للصائم من رضوانه وعظيم نعمه لأن التقريب من لوازم ذي الرائحة الطيبة اهـ سنوسي، وقوله (يوم القيامة) يقتضي أن طيب رائحة الخلوف هو في الآخرة، وقد وقع خلاف بين ابن الصلاح والعز بن عبد السلام في أن طيب رائحة الخلوف هل هي في الدنيا والآخرة أو في الآخرة فقط فذهب ابن الصلاح إلى الأول وابن عبد السلام إلى الثاني (وللصالم فرحتان) خبر مقدم ومبتدأ مؤخر أي مرتان من الفرح عظيمتان إحداهما في الدنيا والأخرى في الآخرة كذا في مرقاة ملا علي (يفرحهما) أي. يفرح بهما فحذف الجار توسعًا كقوله تعالى {فَلْيَصُمْهُ} أي فيه (إذا أفطر فرح بفطره) لزوال جوعه وعطشه حيث أبيح له الفطر وهذا هو الفرح الطبيعي أو من حيث إنه تمام صومه وخاتمة عبادته وفرح