للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَبِّ الْعَالمِينَ،

ــ

فتَضْرِبُ هاتين الصورتين في الحاصلِ يتخرَّج بثلاثمائة وستين، فالممتنعُ منها أربعون، وكذا الأَوْلى أربعون، والجائزُ منها مئتان وثمانون.

وقال ابن الأنباري: الحمدُ مقلوب المدح، والمعنى: الحمدُ بأقسامهِ الأربعةِ مستحقٌّ لله سبحانه وتعالى، أو مختصٌّ به، أو مملوكٌ له تعالى.

تنبيه:

وقَرَنَ الحمد بالجلالة الدالَّةِ على استجماعهِ تعالى لصفات الكمال، واستحقاقهِ الحمدَ لذاته؛ لئلا يُتوهّمَ اختصاصه بصفةٍ دون أخرى، لأن تعليقَ الحكم بمشتق يُؤْذِنُ بعلِّيَّة ما منه الاشتقاقُ.

وآثَرَ -كغيره- كلمةَ الحمدِ على الشُّكْرِ؛ لأن الحمدَ يَعُمُّ الفضائلَ، وهي الصفاتُ التي لا يَتَعَدَّى أثَرُها للغير، كالحُسْنِ والعلمِ والشجاعةِ، والفواضلَ وهي الصفاتُ المتعدية للغير كالكَرَم، والشكر يختص بالأخيرة.

ولفظُ الجلالةِ: عَلَمٌ على الذات الواجب الوجود، الموصوف بجميع صفات الكمال، وهو أعرفُ المعارفِ على الإِطلاق، والمشهورُ: أَنَّ جملةَ الحمدلةِ خبريةٌ لفظًا إِنشائيةٌ معنىً، ويَصِحُّ أن تكون خبريةً لفظًا ومعنىً؛ لأنَّ الإِخبارَ بالحمد حَمْدٌ، فيحصلُ الحمدُ بها وإِنْ قَصَدَ بها الإخبار.

(رَبِّ العالمين) أي: مالكِ جميعِ الخَلْقِ من الإِنس والجنّ والملائكة وغيرِهم، أو معبودِهم، أو جامعِهم، أو مُصْلِحِهِم مثلًا.

قال البيجوري: (وأصلُ ربٍّ: رَابِبٌ؛ بناءً على أَنَّه اسمُ فاعل، فحُذفت الألفُ وأُدغمت الباءُ في الباء، ويَصِحُّ أن يكونَ صفةً مشبهةً فلا حذف، وهو من التربية، وهي تبليغُ الشيءِ حالًا فحالًا إِلى الحدّ الذي أراده المُربّي) (١).

ويختصُّ المُحَلَّى بال وهو الربُّ بالله سبحانه، بخلاف المضاف لغير العاقل كما في قولهم: ربُّ الدار، وأمَّا المضافُ للعاقل. . فهو مختصٌّ به تعالى كما يَدُلُّ له ما ورد


(١) المصدر السابق (١/ ١٣ - ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>