للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في "صحيح مسلم" (١): "لا يَقُلْ أحدُكم: ربّي، ولْيَقُلْ: سَيِّدِي مولاي" أي: لا يَقُلْ أحدُكم على غير الله تعالى: ربّي، بل سَيِّدِي ومولاي.

ولا يَرِدُ قولُ نبي الله يوسف - عليه السلام -: {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ}؛ لأنَّ ذلك مختصٌّ بزمانه كالسُّجُودِ لغيره تعالى، فكان ذلك جائزًا في شريعته، وإِنما سُمِّي المالكُ بالربِّ؛ لأنه يُرَبّي ما يملكه.

وقد أَتَى (الربُّ) لمعانٍ نَظَمَها بعضُهم في قوله:

قريب محيط مالك ومدبر ... مربّ كثير الخير والمُول للنعم

وخالقنا المعبود جابر كسرنا ... ومصلحنا والصاحب الثابت القِدَمْ

وجامعنا والسيدُ احفظ فهذه ... مَعَانٍ أَتَتْ للربِّ فادْعُ لِمَنْ نَظَمْ

رحمه الله تعالى.

قوله: (العالمين) أصلُه من العلامة كما قال أبو عبيدة؛ لأنه ما مِنْ نوعٍ من العالم إلا وفيه علامةٌ على وجود خالقه، أو من العِلْم كما قاله غيرُه، فيَخْتَصُّ بأُولي العلم وهم الإِنسُ والجِنُّ والملائكة؛ لاختصاص العِلْم بهم، وهو بفتح اللام: اسمُ جمعٍ خاصٌّ بمَنْ يَعْقِلُ كما قال ابنُ مالك:

أولو وعَالمُون عِلِّيُّونا ... وَأَرَضُونَ شَذَّ والسِّنُونا

لا جمعٌ ومفردُه عالم بفتح اللام؛ لأنه اسم عامّ لِمَا سوى اللهِ تعالى (٢)، والجمعُ خاصٌّ بمَنْ يَعْقِلُ، إذًا فهو اسمُ جمعٍ لا جَمْعٌ، والراجحُ: أنه شاملٌ للعاقلِ وغيرِه؛ تغليبًا للعاقل على غيره، أو تنزيلًا لغير العاقل منزلةَ العاقل.

والتحقيقُ: أَن العالمين جمعٌ لعالمٍ لاسمُ جَمْعٍ له؛ لأنه كما يُطلق على ما سوى الله .. يُطلق على كُلِّ جنسٍ وعلى كُل نوعٍ وصِنْفٍ فيُقال: عالم الإنس وعالم الجنّ وعالم


(١) في كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها (٣ - باب حكم إِطلاق لفظ العبد والأَمَة والمولى والسيد) حديث رقم (٢٢٤٩/ ١٥).
(٢) قال الإِمام النووي: (والمختار عند الجماهير من أصحاب التفسير والأصول وغيرهم: أَنَّ العالمَ اسمٌ للمخلوقاتِ كُلِّها، والله أعلم). "شرح صحيح مسلم" (١/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>