ثلاث) أيام (من كل شهر) أي صيامها من كل شهر، وقوله ثلاث على صيغة المؤنث، ولو قال ثلاثة بالهاء لكان صحيحًا لأن المعدود المميز إذا كان غير مذكور لفظًا جاز تذكير مميزه وتأنيثه، يقال صمنا ستًّا وستة وخمسًا وخمسة، وإنما يلزم إثبات الهاء مع المذكر إذا كان مذكورًا لفظًا وحذفها مع المؤنث إذا كان كذلك، وهذه قاعدة مسلوكة صرح بها أهل اللغة وأئمة النحاة كذا في نيل الأوطار (ورمضان إلى رمضان) ذكره لدفع توهم دخوله في كل شهر (فهذا صيام الدهر كله) قال القاري: أي حكمًا أي كصيامه لقوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} كذا قيل، ولا يخفى أن الكلية الحكمية إنما هي في غير رمضان؛ والمعنى أن صيامه كصيامه في الثواب لكنه من غير تضعيف على حد {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن، قيل ثلاث مبتدأ خبره قوله فهذا صيام الدهر والفاء زائدة، وقال الطيبي: أدخل الفاء في الخبر لتضمن المبتدأ معنى الشرط وذلك إن ثلاث مبتدأ ومن كل شهر صفة له أي صيام ثلاثة أيام يصومها الرجل من كل شهر صيام الدهر كله (صيام يوم عرفة) وهو التاسع من المحرم (أحتسب على الله) أي أرجو من الله تعالى (أن يكفر السنة التي قبله) أي أن يكون كفارة لذنوب السنة التي قبله أي لصغائرها (والسنة التي بعده) أي لصغائرها، وفي النهاية: الاحتساب في الأعمال الصالحة هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلبًا للثواب المرجوفيها، قال الطيبي: كان الأصل أن يقال أرجو من الله أن يكفر فوضع موضعه أحتسب وعداه بعلى الذي للوجوب على سبيل الوعد مبالغة لحصول الثواب، قوله (أن يكفر) قال إمام الحرمين: والمكفر الصغائر، قال القاضي عياض: وهو مذهب أهل السنة والجماعة، وأما الكبائر فلا يكفرها إلا التوبة أو رحمة الله. [قلت] ورحمة الله تحتمل أن تكون مكفرة بغيره أي بغير صوم تاسوعاء، وقال النواوي المراد بالذنوب الصغائر وإن لم تكن الصغائر يرجى تخفيف الكبائر وإن لم تكن رفعت الدرجات، قال المظهر: وتكفير السنة الآتية أن يحفظه من الذنوب فيها، وقيل أن يعطيه من الرحمة والثواب قدرا يكون كفارة للسنة الماضية والقابلة إذا جاءت واتفقت له ذنوب كذا في المرقاة، وسبق بيان مثل هذا في كتاب الطهارة والصلاة، وتقدم بيان حكم