للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ ذلِكَ. فَقَالتْ عَائِشَةُ: أَنَا طَيَّبْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ إِحْرَامِهِ. ثُمَّ طَافَ فِي نِسَائِهِ. ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا

ــ

أي لأن أتلطخ بقطران وهو افتعال من الطلي المتعدي يقال طليته بالطين وغيره من باب رمى، واطليت على وزن افتعلت إذا فعلت ذلك لنفسك ولا يذكر معه المفعول كما في المصباح، فإذا أردت تخفيف الطاء في لأن أطلي لزمك تقدير المفعول أي نفسي، والتشديد أظهر، وهو مبتدأ مبدوء بلام الابتداء، خبره قوله (أحب إليّ من أن أفعل ذلك) التطيب قبل الإحرام (فقالت عائشة أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إحرامه ثم طاف في نسائه ثم أصبح محرمًا) قال في المواهب اللطيفة: اعترض ابن حزم على هذه الرواية فقال: قول عائشة ثم أصبح محرمًا لفظ منكر، ولا خلاف أنه صلى الله عليه وسلم إنما أحرم بذي الحليفة بعد صلاة الظهر كما قال جابر في حديثه الطويل عند مسلم قال: ولعل قول عائشة هذا إنما كان من النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء أو الحديبية أو الجعرانة اهـ.

[قلت] يشكل عليه ما قدمناه من رواية البخاري في حجة الوداع، فالأولى أن يقال إن قولها ثم يصبح بمعنى ثم يضحي، والمراد مجرد الوقت لا تعين الصبح والله أعلم.

وهذا الحديث انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى وسنده من خماسياته رجاله اثنان منهم كوفيان وواحد مدني وواحد واسطي وواحد إما خراساني أو بصري والله أعلم.

وعبارة القرطبي هنا وإنما كان النبي صلى الله عليه وسلم تطيب للطواف على نسائه في بيوتهن بالمدينة في ليلة اليوم الذي خرج في بقيته إلى ذي الحليفة فإنه بات بها وأصبح محرمًا من صبيحة ليلتها وأحرم بعد أن صلى الظهر كما ظهر من حديث عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما الآتي فاغتسل وغسل ما كان عليه من الطيب غير أنه بقي عليه ما تعذر إزالته بعد الغسل من الرائحة، وعن هذا عبرت عائشة رضي الله تعالى عنها بقولها ثم أصبح ينضخ طيبًا، ومعنى (ينضخ) تشم رائحته وتدرك إدراكًا كثيرًا، وأصله من نضخ العين وهو عبارة عن الكثرة، وقول ابن عمر رضي الله تعالى عنهما (لأن أصبح مطليًا بقطران أحب إليَّ من أن أصبح محرمًا أنضخ طيبًا) موافق لقول النبي صلى الله عليه وسلم للمتطيب المحرم: "اغسل عنك الطيب" كما تقدم، والتمسك به أولى من حديث

<<  <  ج: ص:  >  >>