وهذا السند من سداسياته، غرضه بسوقه بيان متابعة يونس لمعمر في رواية هذا الحديث عن الزهري (قالت) عائشة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس من الدواب) بتشديد الموحدة جمع دابة وهو ما دب من الحيوان، وقد أخرج بعضهم منها الطير لقوله تعالى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيهِ} الآية وهذا الحديث يرد عليه فإنه ذكر في الدواب الخمس الغراب والحدأة ويدل على دخول الطير أيضًا عموم قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} اهـ فتح الباري (كلها فواسق) أي مؤذيات أو خارجات عن حكم سائر الحيوان بالأمر بقتلهن (تقتل في الحرم) وكذا في الحل من باب الأولى وهي (الغراب والحدأة والكلب العقور والعقرب والفارة) قال القاضي عياض: وجميع ما اشتملت عليه أحاديث مسلم ستة، وفي غيرها والأفعى، ولم يختلف في قتل جميع هذه المذكورات إلا شذوذًا فعن علي ومجاهد لا يقتل الغراب ولكن يُرمى، وجاء في حديث ما يقتل المحرم ولا يقتل الغراب ولكن يرمى ولم يصح ذلك عن علي، وعن طائفة لا يقتل من الغراب إلا الأبقع، وعن النخعي لا تقتل الفارة وهو خلاف النص، وعن مالك لا تقتل صغار هذه المذكورات في الحديث حتى تكبر لأن صغارها لا تؤذي، وقال أيضًا: لا يقتل المحرم الوزغ وإن قتله .. فداه ولا القرد ولا الخنزير ولا ذوات المخلب من الطير، قال: وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم خمس فليس لأحد أن يجعلها ستًّا أو سبعًا، وقيل لا يقصر عليها، وإنما ذكرت الخمس للتنبيه بها على ما يشاركها في علة الإذاية فنبه بالكلب العقور على ما يتعدى بالافتراس، وبالحدأة والغراب على ما في معناهما، وإنما خصا بالذكر لقربهما من الناس ولو وجد ذلك من الرخم والنسر كانت مثلها، وبالفأرة على ما ضرره مثلها أو أشد كالوزغ، وبالعقرب على الزنبور، وبالحية والأفعى على ذوات السموم المهلكة وإلى هذا ذهب ابن القصار وفسر به المذهب وهو مذهب الشافعي إلا أنه جعل العلة حرمة الأكل فتقتل عنده السباع وكل ذي مخلب من الطير كالنسر والبازي والرخم لأن هذه لا تؤكل عنده، ولا يقتل الضبع والثعلب والهر لجواز أكلها عنده، وقال المازري: مالك والشافعي يريان أن يلحق بالخمس ما شاركها في العلة إلا أنهما اختلفا في العلة فجعلها مالك الإذاية وجعلها الشافعي حرمة الأكل. [قلت] ما ذكر عن مالك من الإلحاق خلاف ما تقدم للقاضي عنه وموافق لما فسر به ابن القصار المذهب.